لو أن لعدن كبير ونافذ ما تاهت في العبث واللعب وانزلقت في الفوضى.
لو أن لعدن مجلس حكماء كلمتهم مسموعة، أو منظمات وأحزاب يعرفون مصلحتها ويشبكون أيديهم لتحقيقها لما وجد المراهقون والأنانيون والمتسلقون وأصحاب العاهات الفكرية سبيلا وفراغا كي يفعلوا بها كل هذا العقوق والخذلان والمشقة.
لو أن لعدن مقاومة ناضجة منظمة برأس واحد (فقط) كانت اجبرت الشرعية (رئاسة وحكومة) ومن خلفهما التحالف بمنطق سياسي واستحقاق واقع ان تنال مستحقاتها كنتيجة للتحرير.
لكن المصيبة عندما تكون هذه المقاومة المفككة هي أصل المشكلة وبيت الداء، وبدل كونها عامل مساعد للنهوض صارت واحد من أهم عوامل الفشل.
لقد كان رئيس الحكومة واضحا وهو يشير إلى هذه النقطة بالذات عندما قال (لقد تحررت عدن من الغريب فلنحررها من أنفسنا).
أربعة أشهر مضت كانت كفيلة أن نرى فيها عدن ورشة اعمار لا تتوقف ، حركة بناء وتشييد ما خربته الحرب، مدنها تستقطب عشرات الالاف من العاطلين من كل المحافظات في مختلف جوانب التعمير.
موانئها ومطارها وطرقها البرية قبلة للشركات ورجال الاعمال والمقاولين ومواد الإعمار.
كانت عدن خلية نحل تدب فيها حركة آليات الرصف وشاحنات مستلزمات البناء وخلاطات الإسمنت وطرقات الشاكوش والأخشاب والمسامير على مدار الساعة.
عدن مدينة اقتصادية قبل ان تكون سياسية، وثنائي الإغلاق والإرهاب يخنقها ويشل حركتها.
هي المطار والميناء وهما شريان اتصالها بالعالم وعامل قوتها، فإذا لم تلعب دورا اقتصاديا يتجاوز نطاقها ومحيطها الجغرافي إلى ابعد مدى كانت قرية بائسة سقطت او تعطلت ميزتها الطبيعية الفريدة.
أتعرفون يا سادة ماهي مشكلتنا ومشكلة عدن؟ مشكلتها نحن جميعا، مشكلتها أننا لا نقدر مصلحتها ، ولم نحدد أولوياتها ، ولم نهتد بعد إلى ما يجب علينا فعله.
لقد تشددنا في خنقها من الأطراف وتركنا جسمها للديدان.
مشكلتها عندما تنازلنا عن طموحنا بحجم عدن، رضينا بالمعونات والإغاثات وكرتون صغير من الأغذية، ونسينا الإعمار الذي كان يجب أن يبدأ مباشرة عقب التحرير.
وأخشى ما أخشاه أن تمر الأشهر وربما السنوات ونحن في حيص بيص، ولم نهيئ الفرصة لبدء الإعمار فنعطي الأخر مبررا كي يتخلى عنا وما تعهد به فيتركنا ويذهب غير مأسوف علينا.
تذكروا جيدا أن من لم يساعد نفسه لن يساعده الناس.
بقلم/عبدالرقيب الهدياني