تحرير تعز.. مكائد ومخاوف وخذلان

2016/02/09 الساعة 07:19 صباحاً

بين اتهامات قيادة المقاومة، ومخاوف من سيطرة طرف على السلطة تتفاقم مأساة تعز جراء إنتقام مليشيا الإنقلاب، وخذلان قيادة الشرعية لأحرار المحافظة.

لقد تحولت حسابات الجغرافيا، وعدم ثبات أولويات الشرعية إلى مشكلة عسكرية تعصف بخطة تحرير تعز، وأظنها لعنة يجب تجاوزها.

محور تعز تابع للمنطقة العسكرية الرابعة، ويجب أن يتقدم اللواء أحمد سيف اليافعي الجيش الوطني في معركة تحرير المحافظة.

قادة المناطق العسكرية في جبهات التحرير بإستثناء اللواء اليافعي الذي يتعامل مع معركة تعز كما لو أنها في كوكب آخر، وليست ضمن منطتقه.

مع احترامي لشخصه، يبدو لي عدم اختلاف نظرة اليافعي لمعركة تعز عن ناشطي الحراك الجنوبي، وقد يكون موقفه متأثر بإرادة غير مسؤولة.

تتقدم قوات الشرعية في مختلف المحاور عدا تعز نتيجة وقوع خطة تحريرها في مهب حسابات غير عسكرية رغم وجود قوانين ولوائح تلزم المنطقة الرابعة بحسم المعركة.

إذا كان اللواء اليافعي يعتبر معركة تعز شأناً شمالياً، ومسؤولياته تنته في الشريجة، على الرئيس إصدار توجيهات صارمه تلزمه بتحمل مسؤوليته الوطنية.

وفي حال طرأت حسابات جديدة على جغرافيا توزيع الجيش، كان يجب الرئيس تشكيل منطقة عسكرية تضم تعز وإب، وتعيين قائدها من إقليم الجند.

يقاوم أبناء الحالمة مليشيات الحوافيش منذ تسعة أشهر، وكان لصمودهم دوراً مشهود في تحرير كافة مدن الجنوب، ورغم ذلك، تتقاعس قيادة المنطقة الرابعة عن القيام بواجبها تجاه تعز.

في هذه الأثناء، يخوض الجيش الوطني مسنوداً بالمقاومة معارك ضارية ضد مليشيات المخلوع والحوثي في جنوب تعز، بالتزامن مع اشتباكات مستمرة في ضواحي المدينة.

وتشن مليشيات الإنقلاب قصفاً مدفعياً وصاروخياً عشوائياً على احياء مدينة تعز، وقرى مديريات جنوب وغرب المحافظة، ويوميا يتساقط ضحايا مدنيين.

من الغباء العسكري والاستراتيجي ترك تعز بمفردها في مواجهة مليشيا الإنقلاب في ظل مماطلة رسمية بشأن دعم قوات الجيش الوطني والمقاومة بمعدات وأسلحة ثقيلة.

وعار على قيادات الشرعية عرقلة خطة بناء، وتدريب، وتسليح ألوية الجيش الوطني بتعز، فموقفهم المشؤوم يعقد الحسم، ويزيد مأساة المدينة المحاصرة.

اللامعقول الآن تأثر رجال الدولة، وضباط المنطقة الرابعة بخطاب مطابخ الإنقلاب حول مخاطر خوض معركة تعز، وإذكاء فوبيا الإخوان لدى بعض قيادات التحالف.

لن يتمكن طرف سياسي مهما كان حضوره السيطرة على تعز حين تقرر قيادة الحكومة بلورة الإجماع نحو بناء الدولة، واللافت تجاوز مروجي الهواجس واقع التنوع السياسي في المحافظة.

وإذا وجدت إرادة رسمية عليا هدفها تحرير تعز لن يعيق تحركها طرف تعزي مقاوم، بل ستسهم القوى التعزية في الحسم المؤجل، وإنجاز النصر المظفر.

في ذات الوقت، من يريد تبديد المخاوف الأمنية المحتملة عقب تحرير تعز سيحرص من الآن على بناء مؤسسات الدولة، ابتداءً من الجيش الوطني والأمن.

مهما تعاظم الخذلان، وتعددت المكائد، وتكاثرت المخاوف، سيخوض أبناء تعز معركة خلاصهم من مليشيات الإمامة، ونهاية المأساة سيأتي النصر.

*محمد سعيد الشرعبي