مرض (الشهوة الخفية )
عمار بن ناشر العريقي
حب الظهور والشهرة والرئاسة داء خفي خطير ابتلي به ممن يشتغل بأمر العامة كالعلماء والساسة خلق كثير.
وقد وصفه علماء السلف بالخفاء لما قد يلتبس على الصالحين رغم تلبسهم به. ولذلك قال بعض الحكماء :
حب الرئاسة آخر مايخرج من قلوب الصديقين.
ولاشك أن طلب الولاية قد يجوز بل يجب لمن توفرت فيه شروط الكفاءة والديانة واﻷمانة كما فعل يوسف عليه السلام حين قال لعزيز مصر :(اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم )
ويتأكد ذلك في مثل زماننا لمزاحمة من تولى في الأرض ل (يفسد فيها ويهلك الحرث والنسل ).
ولكن حين تغيب أو تضعف هذه الشروط فكثيرا مايكون لها آثار سيئة على دين المبتلى ودنياه وآخرته .
ولذلك ورد في مسلم قوله لأبي ذر -وهو من هو في صدق دينه وأمانته -
إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها. وفي الصحيحين نهيه صلى الله عليه وسلم عن سؤال اﻹمارة وعن تولية من طلبها.
ومما تقشعر له الأبدان في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم :ماذئبان جائعان أرسلا على غنم بأفسد لهما من حرص المرء على المال والشرف لدينه.
فعلى العاقل أن لايزكي نفسه ويحذر من باطن الفواحش أكثر مما يحذر من ظاهرهما (وذروا ظاهر الإثم وباطنه )
(ولا تقربوا الفواحش ماظهر منها ومابطن ).
إنك لاتجد طالبا للقيادة غالبا إلا معجبا بنفسه وهو دليل على ضعف الدين والعقل والورع والحسد والشح(الطمع فيما ليس عنده )
(واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم )رواه مسلم.
كما يتبعه أدواء العداوات وتتبع عيوب الآخرين وكراهية أن يذكروا بخير. ويفضي إلى التفرق والتنازع والبغي. ومن معاني البغي الحسد والظلم والكبر وحب الصدارة والرئاسة (وماتفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم )
حب الرئاسة داء يحلق الدينا
ويجعل الحق حربا للمحبينا .
حب الرئاسة أطغى من على الأرض
حتى بغى بعضهم على بعض.
وصدق الله تعالى :(تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لايريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين).