لا يزال أبوبكر القربي صامتاً منذ أن لوح له عبدالسلام فليته الناطق باسم جماعة الحوثيين بيده آمراً له بالسكوت “مش وقتك”..
كانت تلك هي المحاولة اليتيمة للقربي وزير الخارجية السابق والقيادي في حزب صالح للحديث في الجلسة الأولى من مشاورات الكويت، وكان القربي لا يزال يعتقد أن بإمكانه أن يقوم بدور يليق بثقله السياسي كقيادي حزبي ورجل دولة أدار الدبلوماسية اليمنية ما يزيد علي عشر سنوات.
لكن القربي وأمام تلويحة يد مستخفة من بن فليته الذي انتقل من الكهف إلى حلبة السياسة قبل أربعة أعوام أدرك أنه في مكان غير مكانه وزمن لم يعد زمانه، وبالتالي التزم الصمت منذ تلك اللحظة ولا يزال صامتاً رغم مواظبته بالحضور في طاولة المشاورات بشكل يومي، مستغنياً عن لسانه وربطة عنقه.
الأمر الذي أصدره بن فليته لم يكن يعني القربي وحده وإنما كان من خلاله موجهاً لقيادة ما تبقى من حزب المؤتمر الذي بات ملحقاً بمليشيات غارقة في العنف ومثقلة بالأيديولوجيا الطائفية لا علاقة لها بالعمل السياسي لا من قريب ولا من بعيد، ولهذا لم يتبق من أثر لدور مؤتمري في مشاورات الكويت سوى ما يملكه ياسر العواضي من فهلوة يستخدمها في التودد إلى بن فليته ومهدي المشاط، ولا يجد القربي نفسه من تفسير لهذه الحالة سوى أنها سوء الخاتمة التي قصدها الدكتور عبدالكديم الإرياني رحمه الله عندما قال “إذا غضب الله على امرئ أطال في عمره حتى يفاوض مهدي المشاط”!! ما بالك أن يمنعه من الحديث بن فليته!
أمس وأثناء استعراض الرؤى المقدمة لجلسة مشاورات في الكويت قرأ بن فليتة رؤية الانقلابيين لما يتعلق بالترتيبات الأمنية والسياسية وأعطى الدور لشخص يدعى عايض الشميري وهو ضمن ممثلي صالح ليقرأ الملحق الخاص بالرؤية وعندما علق أحد أعضاء وفد الشرعية على الموقف قائلاً “المؤتمر أصبح ملحق؟” أجاب عبدالسلام فليته موجهاً صفعة لممثلي مؤتمر صالح “يالله وقد عايحصلوها”.فلا مجال لاستعراض القدرات السياسية لقيادات مؤتمر صالح أمام جلاوزة المليشيات الذين ارتدوا البدلات الأنيقة مؤقتاً ليؤدوا دوراً مكملاً لجحافل القتلة على الأرض، بعد أن تحولت قواعد هذا الحزب الذي كان كبيراً إلى عكفة تابعة للسيد وباتوا يمارسون القتل تحت راية الصرخة.. كما أنه لم يبق مجالاً لممارسة السياسة أصلاً في زمن أصبحت فيه التحية “يا حيا بمن شمه بارود”.لم يقتصر الأمر عند هذا المستوى من الإهانة والتهميش لوفد مؤتمر صالح بل يشترط الحوثيون عدم حضور ممثلي صالح عند لقاءتهم بالسفراء العرب والأجانب ولهذا يضطر السفراء للقاء كل طرف على حدة.
وحتى لا يستمر التعويل على مشورات الكويت التي كان يفترض أن تكرس لمناقشة آليات تنفيذ القرار ٢٢١٦، وبقليل من الصراحة التي يجب أن نواجه أنفسنا بها فيمكن القول إجمالاً إن العبث قد أصبح هو السمة العامة على محادثات تدور في حلقة مفرغة منذ أن انطلقت قبل عشرة أيام ولم تتمكن حتى من إقرار جدول أعمال المشاورات ما اضطر ولد الشيخ إلى تجاوزه والاتجاه إلى الحديث عن الإطار العام للمشاورات.
وفي حديث مع أحد أعضاء فريق الخبراء المساند للوفد الحكومي المفاوض أكد أن الرؤية التي قدمها وفد الانقلابيين إلى المشاورات يوم أمس لا يختلف تماماً عن الرؤية التي قدموها وهم لا يزالون في فندق موفنبيك مطلع ٢٠١٥ عندما كان الرئيس هادي لا يزال تحت الإقامة الجبرية.
التفاؤل المفرط الذي يعبر عنه ولد الشيخ في مؤتمراته الصحفية ليس هناك في الواقع ما يدعمه لا في جلسات المشاورات ولا في جبهات القتال، فقد أعلن الحوثيون وبصريح العبارة أنهم جاؤوا لوقف ضربات الطيران وتشكيل حكومة توافقيه.. وهذا ما عكسوه في رؤيتهم ولم يقدموا إلى الآن مؤشراً واحداً ينم عن رغبة حقيقية في السلام وإنهاء الانقلاب والانسحاب من المدن وتسليم أسلحة الدولة..
وبالتالي فإن الفجوة القائمة في مشاورات الكويت بحجم الفرق بين الأهداف التي أعلنها الطرفان، أحدهما يسعى لاستعادة الدولة من يد الانقلابيين والآخر يسعى لإضفاء الشرعية على الإنقلاب.
#مشاورات_الكويت