موسى المقطري
في مثل هذا اليوم 13سبتمبر 1990م كان تأسيس التجمع اليمني للإصلاح في عاصمة الحضارة صنعاء على أيدي كوكبة من خيرة ابناء اليمن على راسهم الشيخين عبد المجيد الزنداني وعبدالله بن حسين الأحمر .
لم تكن ولادة الإصلاح اعتباطية ، إنما جاءت تعبيراً عن رغبة حقيقية في تقديم تنظيم مدني يشارك بفاعلية في الحياة السياسية ويقدم للمواطن اليمني صورة ناصعة للعمل السياسي المدني ، ويعزز قيم التنافس المرتكز على اساس البرامج والأهداف والرؤى .
كانت بداية التسعينات هي المرحلة الأقوى في الاستقطاب السياسي وظهرت كل التيارات الفكرية على شكل احزاب سياسية معلنة تدعو الشعب إلى الانتساب اليها مقدمة برامجها واهدافها بصورة علنية لأول مرة في تاريخ البلد.
ظهر الإصلاح في هذه المرحل كرائد حمل على عاتقه مسؤلية اخلاقية وسياسية تمثلت في تأصيل عقيدة وقيم واخلاق المجتمع اليمني المستمدة من شريعتنا الغراء ، وعلى راسها الحرية والمواطنة المتساوية ، ونبذ العنف وسيادة النظام والقانون ، والحفاظ على مكتسبات الوطن التي لأجلها ناضل الثوار منذ الزبيري والنعمان ورفاقهما .
طول ستة عشر عاماً انتهج الإصلاح العمل السياسي النابع من رؤية وطنية تقبل بالأخر ، وتتعايش مع الكل في سبيل حماية الوطن أرضاً وإنساناً ، وتوجيه كل الأنشطة والبرامج في هذا الإطار .
تجربة الاصلاح في العمل السياسي فريدة وجديرة بالدراسة والتعمق ، وخاصة انه مارس العمل السياسي من مختلف الاتجاهات ، فمارس الحكم كشريك في اكثر من حكومة ، ومارس المعارضة في اكثر من مرحلة ، وخاض التغيير عبر صناديق الاقتراع في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية والنقابية ، واطلق مشروعه للنضال السلمي والتغيير عبر الساحات والميادين .
كما خاض الإصلاح جولات حورات مختلفة ، منفردا أو ضمن منظومة اللقاء المشترك ، وشملت الحزب الحاكم "سابقا" والأحزاب والمكونات السياسية الأخرى ، وجماعة الحوثيين ، وشارك في حوارات وطنية جامعة ، وحين اختلطت الأمور وسقطت البلاد في كنف انتفاشة مشبوهة وانقلاب مقيت وكثر اللون الرمادي في الشارع السياسي اختار الإصلاح الانحياز للقيم التي أُسِّس عليها واختار صف الشرعية والوطن .
خلال مسيرته السياسية دفع الاصلاح أثماناً كثيرة لمواقفه المنحازة للوطن ، وشملت المضايقات على كل ما ينتمي للحزب ، والتضييق على الأعضاء والمؤسسات التي يديروها والفصل والتهميش، ثم انتقلت إلى القتل والاختطاف وتفجير المنازل ، واضطر الكثير من القيادات والاعضاء إلى النزوح أو الإختفاء فيما اعلن الإصلاح دعمه لمساعي الجيش والمقاومة الشعبية الرامية لاحقاق الحق واسقاط الانقلاب وأدواته .
يعد الإصلاح من يوم ولادته وحتى كتابة هذه السطور رقما صعباً في العمل السياسي ، ولا يمكن تصور أي عملية سياسية دون أن يكون الاصلاح في مقدمتها ، إذ لا مبالغة بالقول أنه الضامن الأقوى إن لم يكن الوحيد لاستقرار البلد وتنميته .
طوال عمره السياسي خابت كل المساعي للانتقام منه والقضاء عليه ، وخرج من كل جولة منتصرا مضيفاً لرصيده المزيد من المكتسبات والتي يسخرها دوماً لخدمة الوطن وضمان أمنه واستقراره .
يشارك الاصلاحيون بفاعلية متميزة في بناء الوطن ، ويقدمون أجمل ما لديهم من خبرات وإبداعات لإضافة قيمة نوعية ترتقي بالمجتمع اليمني ، وتنمي قيم الحرية والعدالة والمساواة ، وسأكون أكثر عدالة إذا قررتُ أنه لايوجد كيان سياسي خدم الوطن والمواطنين كما فعل الاصلاح والاصلاحيون ، والاجمل من ذلك ان الحزب وكوادره يعتبرون ذلك هو العمق الحقيقي لرسالة الاصلاح والممارسة الحقيقية لانظمته ولوائحه .
يظل الاصلاح كنشاط بشري قابل للنقد والتقويم والمناصحة ودراسة التجارب السابقة له وللنظراء في الداخل والخارج ، وبمرونة متناهية عليه ان يستوعب المتغيرات ويسعى على الدوام للتجديد والتحديث ويشمل ذلك الخطاب والاليات والوسائل والانظمة واللوائح والاولويات .
أصدق التهاني والتبريكات لكل أعضاء ومحبي ومناصري هذا الحزب الرائد، والفرحة فرحتين والعيد عيدين ..
دمتم سالمين .