موسى المقطري
مع تقدم الأيام بدأت ملامح ظهور الجيش الوطني تبدو واضحةً جلية ، وخاصةً بعد أن استفقنا على حقيقة مُرَّة ، مختصرها أن جيشنا السابق لا يمتُّ للوطنِ بصلةٍ إلا في القليلِ النادر ، وهذا القليلُ يقفُ اليوم في صفِّ الشرعية ويشاركُ بفاعِلية في بناء الجيشِ الجديد .
إن لم يكن الوطن شعبٌ يعملُ ويتعلمُ وينتج ، وحكومةٌ تخدمُ وتنظم ، وجيشٌ يحمي ويضمنُ فما الوطنُ إذن ، وما المواطنةٌ إن لم تكن المزج بين هذا الخليط والوصول لبناء الإنسان ، وتعميرُ الأرضِ ، وهذه هي الغايةٌ التي تسعى لتحقيقها البشرية ، وهي في المجملِ تحقيق للغايات واشباع للدوافع لدى الناس، وتحقيق التوازن البشري ، مضافاً اليه ومتحمكاً به تحقيق كل ما سبق وفق عقيدتِنا وأحكام ديننا الحنيف .
الجيشُ الوطني منوطٌ به في المُجمل حماية الوطن أرضاً وإنساناً ، وفي التفاصيل حماية الدولة ومؤسساتها ، وردَّ الغازي المعتدي ، والباغي الهَادم ، وحفظُ الأمنِ ، والاستجابةٌ لداعي الوطن في الملمات والظروف الصعبة ، وتحقيق مستلزمات المواطنة ، وكل ذلك يرتبط بكون الجيش والشعب يقفان في صفٍ واحدٍ ولا يمكن لاحدِهما مواجهةَ الأخر .
الجيشُ الوطني الخالص من الولاءتِ الشخصية والمناطقية والطائفية هو الضامنُ الوحيدُ لاستتاب الأمن ، وتوفير الجو الملائم للبناءِ والتنمية بمفهومها الأكملُ والأشمل ، وهي تركزُ على بناء الإنسانِ عقلاً وروحاً وجسداً ، وفي سبيلِ ذلكَ يتم توجيه الإمكانات التي تتمتعُ بها الأوطان ، وإدارة هذه الإمكانات إدارة سليمة تحققُ المنفعةَ الكاملة ، وتعدُّ الحكومات هي الأداةُ الفاعلةُ لتحقيق هذهِ الغاية ، ولن يتأتى لها ذلك إلا بوجود الجيش الوطني الذي يوفر ويضمن الأمن والاستقرار اللازمين .
يضمنُ الجيشُ الوطني أي محاولات من قبل أي فئة أو جماعة للإستيلاء والاستفراد بمؤسسات الحكم بطرق غير ديمقراطية ، ويوفرُ المناخ الملائم لتحقيق ديمقراطية حقيقية ينأى بنفسهِ عن توجيهِ مسارها ، أو حرف نتائجها ، ويوجه قدراته لحمايتها ، وحماية مخرجاتها وصد أي محاولة لإجهاضها ، أو الالتفاف على ما تفرزه من نتائج ، وذلك باعتبار أن ما خلصت اليه أي عملية ديمقراطية خالية من أي تدخل لحرف نتائجها هو التعبير الحقيقي لرغبات الشعب وتطلعاته .
نظرةٌ فاحصةٌ للجهود التي تبذل في سبيل بناء الجيشِ الوطني ترسمُ في الأذهان البشارات بكل ما من شانه تحقيق الهدف الذي لأجله يبنى الجيش ، وتبدوا ملامح القادم الأجمل من خلال هذه المؤسسة التي يحملُ هم بنائها رجالاً نعدُّهُم ذُخراً لهذا الوطن ، ولبنات بناء سديدة في الجسد الوطني .
دمتم سالمين .