موسى المقطري
لم يكن الشهيد الجماعي ثائرا عادياً ، بل كان ثورياً ثريِّاً ثائراً ، شاعراً مجاهداً ، ووجهاً تحترمه المجالس ، وصانع ابتسامة محترف ، ورجل انيق روحاً وشكلاً .. وأكثر .
الشهيد الجماعي من محبي صلاة الفجر ، ولأنه كذلك فقد كان موعد ارتقائه إلى مولاه هو هذا الوقت المبارك ، مقبلاً غير مدبر ، باتت عينه تسهر في سبيل الله .
اتدرون من نائف الجماعي ؟
كان رحمه الله رجل بمؤهل عالي في المجال المالي والمصرفي ، وحياته العملية كلها في وظائف مرموقة وبنوك عريقة ، ولديه بدل المنزل اثنين ، وبدل السيارة سيارتين ، ورغد العيش كان بادياً عليه ، ومع هذا متواضعا بشوشاً يجالس البسطاء ويصاحب الغلابى امثالي ، ويقدم خدماته للكل ، وفي لحظات الصفاء ينسج شعراً لوطنه وامته وشعبه .
انه بحق وهج الجمهورية الجديدة ، ففي ظلالها حمل بندقيته مجاهداً، وحرفه منافحاً ، واستبدل بدلته الأنيقة الغالية الثمن بزي الجيش الوطني ، ورابط في المتارس بدل المجالس المفروشة ، والمكاتب الساحرة المكيفة ، وعلَّمنا الدرس الأبلغ .
لروحك ياصديقي الراحل الشرف العالي، وفي كل فجر ستتوق أرواحنا إلى روحك ، ومن مدرستك المتنقلة تخرَّج الكثير .. وسيتخرجون .
ستظل ملهماً لنا كمناضل حر شريف وهبت روحك لله حين تسابق كثيرا من نظرائك أما ليتدنسوا برجس الانقلاب ومليشياته ، او ليتجنبوا المواجهة ويكتفوا بتأمين انفسهم ، فيما الوطن والجمهورية يتلقى الضربات الموجعة ، لكنك كنت الاقوى والاسبق بين الجميع .
الجمهورية التي تشرفت بالدفاع عنها وإذكاء وهجها ياصديقي هي اليوم أبعد ما تكون عن انطفاء شعلتها الملهمة ، ولم يبقَ لنا إلا القليل لنستكمل القضاء على كابوس الانقلاب الأسود ، ولنا أمل بالله أن يجمعنا حيث تسعد الارواح ، ويطيب المقام .
في حضرة روحك انسج تراتيل الوفاء ، وعلى أمثالك من الأحرار أوزع قبلات الاحترام ، وأرسم لوحات التقدير "فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ، ومابدلوا تبديلا" .
نوعدك يا استاذ المجاهدين ، لن نبدل ما حيينا .
على روحك السلام ، وخالص الدعاء .