*عارف أبوحاتم*
كم تسعدني الأحداث العارضة في محافظة تعز المكلومة، لأنها تخرج الأفاعي من جحورها، تلسع بألسنتها الملونة كل فرحة وانتصار وتحولها إلى مأساة، تظن أن ألوان ألسنتها سيمنح حياتنا لوحة بديعة نطمئن لها ولما بعدها.
أُجَراء المنظمات المدنية الساكتون طوال 20 شهرا من الإبادة الجماعية في تعز خرجوا الأسبوع الماضي يولولون على قناص تم القبض عليه وسحله.. ورغم بشاعة الحادثة العارضة التي نستنكرها، إلا أنني لن أجعلها الشجرة التي تحجب الغابة، ولن أتوقف عندها وأنسى محافظة فيها أربعة ملايين مواطن، تعرضوا لصنوف العذاب والتدمير والاغتيالات، ما تركت لهم ميليشيات صالح والحوثي جداراً يحتمون بظله إلا وفجرته، ولا ضوءاً يستضيئون به إلا وحجبه دخان القذائف.. فجروا المدارس والمستشفيات والطرقات ومراكز الشرطة والمكتبات والجامعات وخزانات المياه ومحطات الكهرباء وسيارات الإسعاف، قتلوا البشر وأحرقوا الشجر، وزعوا الألغام الإيرانية بأشكال متنوعة، ألغام على شكل أحجار الطرقات وأواني المطابخ ومصابيح الإنارات.. وكل شيء موثق بالصوت والصورة.
تدافعوا إلى تعز متسلحين بالفتوى وخرج العلامة المغرض محمد المطاع بفتوى تجيز قتل أبناء تعز ونهب أموالهم وأعراضهم.. كل ذلك وموظفو المنظمات المدنية بين صامت أو داعٍ إلى وقف القتال بين الأطراف المسلحة!.
تعز صار اسمها طرفاً مسلحاً وليس مواطنا يجلس في صالة بيته يراجع دروس أطفاله، وقاتلا حمل السلاح الإيراني وجاء من أعالي الجبال يقتل من يراه ومن لا يراه.. المهم أن يلقي قذيفته في حي سكني يقطنه «الدواعش».
تعز قبلة العلم ومنارة الحياة وعاصمة الثقافة وحاضنة التعايش ومشكاة التنوير والتثوير صار أهلها دواعش في نظر الحوثي وأتباعه.. وصار اسمهم «طرفاً في الصراع» في نظر أُجَراء التقارير المدنية.. ليسوا أبرياءً عُزلاً متعلمين مدنيين وصل القتلة إلى عتبات بيوتهم، فبحثوا عن السلاح دفاعاً عن شرفهم وأرضهم وعرضهم.
الناشطون الذين طلب منهم الممولون أن يغضوا الطرف عن اقتحام الميليشيات للعاصمة والاعتداء على رئيس الجمهورية ثم وضعه تحت الإقامة الإجبارية ثم ملاحقته بقصف الطائرات إلى مقر إقامته بعدن هم أنفسهم الذين خانوا شرف الجمهورية لصالح الإمامة.. واليوم يبكون على سحل قناص واحد في تعز.. قتله وسحله سيجعله عبرة لغيره.. هذه حرب وليست رحلة مدرسية.. قناصٌ قتل أبناءنا وإخواننا وآباءنا وأمهاتنا وأطفالنا.. ورفاقه زرعوا الألغام في كل حارة وأمام كل بيت.. وحين يتم عقابه كمجرم حرب يطبق في حقه حد الحرابة.. يظهر «العميقين» و«الحنيين» يستنكرون الحادثة وهم من لم يكتبوا حرفاً واحداً دفاعاً عن الأبرياء والوطن والجمهورية والقيادة الشرعية.
مرتزقة السفارات يعتقدون أن الشعب سيقتنع بشغلهم وأن تقاريرهم ستخلق «مواطنة» متساوية.. هؤلاء هم «الشبكة الناعمة للانقلاب»، ولولا الفضيحة لعملوا «جمعية الرفق بالقناصين» ورفعوا للسفارات تقارير شهرية لتمنحهم المزيد من أموال المشاريع المدنية والوهمية..
لا تتحدثوا عن أخلاق الحروب الممجوجة.. التعزير حد منصوص عليه في ديننا والحرابة والصلب جاءت للباغي القاتل القاطع للطريق، المضر بمصالح الناس.. أخلاق الحروب تكون في المعارك المتكافئة أما في هذه فنحن في فسحة من ديننا..
(وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ)
(فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) صدق الله العظيم
سلوككم الدنيء سيجعلنا نردد مع الشابي
«لا عَدْلَ، إلا إنْ تعَادَلَتِ القوَى
وتَصَادَمَ الإرهابُ بالإرهابِ»
الوطن القطرية