تعز كانت ولا زالت واجهة الصراع الابرز مع المشروع الاستبدادي الانقلابي ، وهي العنوان الأكبر لمشروع المقاومة والدولة والشرعية ، ولقد خبرنا ذلك في محطات كثيرة وعلى وجه الخصوص في عام ٢٠١١ عندما حاول الطغاة التجرؤ على تعز ومحاولة محوها بالقوة العسكرية من خارطة الصراع مع المشروع الاستبدادي فإذا بهذه المدينة ومن فوق تلك التباب بصمود لا يلين تزلزل أركان الاستبداد في صنعاء ، وأصبحت خارطة الصراع بعد آخر أسبوع من شهر مايو ٢٠١١م تشتعل بزخم ثوري قوي ، صنعه الأبطال مجدا من خلال صمودهم في حارات وأزقة وشوارع تعز ، لتعيش البلد كلها بهذا الصمود مرحلة عطاء اكبر من خلال المبادرة الخليجية وتغلب العمل السياسي على بنادق الاستبداد .
وتستمر تعز في عطائها في لحظة فاصلة اخرى مع مطلع عام ٢٠١٥ م عندما وصل الاخ رئيس الجمهورية الى عدن وقلب الطاولة في وجوه الانقلابيين ، ووجد الطغاة المتسلطون المدججون بنزعات التكبر والطائفية أنفسهم في مأزق ، خاصة وهم يَرَوْن رئيس الجمهورية ومن حوله ذلك الالتفاف الشعبي العارم والذي كانت تعز اكبر واصدق عناوينه فأبو الا الاستمرار في مغامرتهم الانقلابية والاتجاه جنوبا نحو عدن للقضاء على الشرعية ورئيسها ، فإذا تعز تنتفض ضدهم بصدور عارية اتجهت الى أبواب معسكرات الانقلاب في تصد بطولي ، ستظل الأمهات يرضعونه قصص مجد لابنائهم ، لا أقول في تعز وحدها ولكن في كل ارض يوجد فيها من يتوق الى الحرية ، ويتغير المشهد كليا مرة اخرى بعد ذلك التحدي الكبير الذي ابداه ابناء تعز في وجه الانقلاب وجسدوا من خلاله ان معركتهم معركة وطن كامل يعشق الحرية والمجد ، وكانت عاصفة الحزم التي زلزلت المشروع الانقلابي .
تحملت تعز كل تبعات المواجهة مع الانقلابيين طيلة الأشهر العشرين الماضية بكل شموخ وصبر ، قدمت تضحيات لم تقدمها اي محافظة اخرى ، اشتعلت جبهاتها بأبناء المقاومة من مختلف الإعمار ومن كل التخصصات وكل القوى والاتجاهات السياسية والاجتماعية ، صمدت احياء وشوارع المدينة وقرى وعزل الارياف في وجه همجية القصف البربري بمختلف انواع الأسلحة والحصار الذي لم يراع حرمة للبشر او للحجر .
واليوم تمضي تعز تصنع الامجاد وتسطر تاريخ البطولة مرة اخرى وفي لحظة حرجة جديدة ، يحاول من خلالها الانقلابيون العبث بكل تضحيات شعبنا العظيمة من خلال الالتفاف على القرارات الدولية والمرجعيات المتفق عليها فيكون الرد الحاسم بالتقدم في جبهات القتال وتحقيق إنجازات عسكرية يحتاجها الوطن اليوم كأشد مايكون .
ان الرد على كل الالاعيب التي يمارسها الانقلابيون وهم يسخرون من كل المرجعيات التي كان هدفها ولا يزال ان يسود العدل والسلام في بلادنا ، جبهته الرئيسيّة تعز ولقد احسنت القيادة السياسية في اختيار ميدان الرد وأحسنت ايضا وهي تصوب السياسات وتوفر الامكانات وتحشد الطاقات ، والمتابع لهستيريا الانقلابيين والجنون الذي اصابهم يدرك بما لا يدع مجالا للشك ان الشرعية في اتجاهها هذا تسير نحو نصر مؤزر لهذا الوطن .
انه المجد الذي تصنعه تعز لهذا الوطن مرة بعد مرة ، بدماء ابنائها في مديرياتها المختلفة واحدة بعد الاخرى ، وهي تطارد خفافيش الظلام ومدمني الاستبداد وناهبي الحقوق ، وهذا هو عهدنا بأبطالها رجالا ونساء ، شيبا وشبانا ، حتى الأطفال انتزعوا حصتهم من البطولة ، انهم صناع الحياة ، عاشقو السلام ، عناوين الكفاح المرير في سفوح الجبال والقمم ، في الوديان والسواحل ، في المصانع والمزارع ، في المدارس والكتاتيب ، في الحارات والأسواق .
انها تعز مجدك ياوطن .
مهندس وحيد علي رشيد
٢٦ نوفمبر ٢٠١٦