انه الركود !!!
اللقاء الأخير الذي تم بين قيادات اصلاحية والرئيس السابق علي ناصر محمد اثار العديد من ردود الأفعال والتي عبرت عنها اتجاهات عدة كان اغلبها اسير المفاجأة التي حدثت بسبب هذا اللقاء، وسارع كثيرون عبر وسائل التواصل للتعبير عن ارائهم بصدد هذا اللقاء ، والحقيقة ان مايجمع معظم ردود الأفعال هذه هو الشعور بالمفاحأة بل وربما الصدمة ، ومنبع هذا الشعور ليس بالطبع ما نوقش في هذا اللقاء ولا ما تمخض عنه ، ولكن ذلك يعود بشكل رئيسي للركود الثقيل الذي تشهده الساحة السياسية وعلى وجه الخصوص في الجانب المقاوم للانقلاب .
ان الراصد لمجمل الحركة السياسية خلال عامين من الانقلاب يلاحظ وبشكل بارز غياب الديناميكية المطلوبة بين هذه الأطراف وفتور الأنشطة السياسية والاكتفاء بسياسة ردود الأفعال لمواجهة المتغيرات والمستجدات ، وإذا بحثنا عن الفعاليات في المجال السياسي خلال الفترة الماضية نجدها انحصرت في مواقف إعلامية اكثر ماتكون ، وبالذات الصادرة عن رئاسة الدولة والهيئة الاستشارية وكذا الحكومة وخاصة وزارة الخارجية ، بينما بقية المنظومة السياسية في حالة شلل تام ، والامر الأكثر غرابة ان هذا الشلل يشمل حتى المناطق التي هزم فيها الانقلاب .
وهنا تنبعث أسئلة كثيرة !! أين الأحزاب والمكونات السياسية التي تعكس ثقلا جماهيريا كبيرا مثل المؤتمر الشعبي العام و التجمع اليمني للإصلاح و الحزب الاشتراكي وكذا الناصريين والمستقلين ويضاف اليهم اتجاه الحراك الجنوبي و الحركة السلفية. ؟؟ أين أنشطة هذه التنظيمات والمكونات كرديف للحكومة والاجهزة الرسمية ؟؟ في إطار المواجهة الشاملة التي نخوضها ضد الانقلاب .
أين الخطط والبرامج المشتركة للقوى السياسية المقاومة للانقلاب ؟؟
من المستفيد من حالة الفراغ السياسي التي تعرقل كل إجراءات الدولة والحكومة في المناطق التي هزم فيها الانقلابيون ؟؟
هل يمكن اعادة بناء اجهزة الدولة بالحد الأدنى في هذه المرحلة الحرجة بدون نشاط سياسي مشترك فعال ؟؟
أسئلة كثيرة تطرح ، ونحن ندرك تعقيدات المرحلة والوضع الصعب الذي تعيشه البلد والأولوية القصوى للجهد العسكري وإعادة بناء اجهزة الدولة وفي مقدمتها اجهزة الجيش والأمن ، ولكن الا يستدعي كل ذلك رؤية سياسية واضحة تعكس توافق الصف المقاوم للانقلاب وتساهم في تصعيد الانشطة السياسية ، بما يعكس تقارب هذه المكونات السياسية ووحدتها في هذه المرحلة ضد مشروع الانقلاب !!
وربما كان الضعف مستوعبا ومبررا في هذا الملف خلال الأشهر القليلة الاولى بعد الانقلاب ، على الرغم ان انعقاد مؤتمر الرياض اعطى مؤشرا كبيرا لامكانية المواكبة السياسية وتجاوز التحديات التي اعترضت القوى السياسية ، وكذلك إجراءات الاخ الرئيس في سرعة ترتيب الهيئة الاستشارية لعب دورا كبيرا في سد فراغ مهم في الجانب السياسي ، وايضاً تعيينات السفراء ، وبعض الإجراءات الاخرى ، ولكن ان تظل الأمور بعد اكثر من سنتين من الانقلاب في الجانب السياسي عند هذا المستوى !!! فهذا يدعو الى تدارك الامر وسد هذه الفجوة الكبيرة .
ان قيادات الأحزاب الرئيسيّة والمكونات السياسية من رؤساء وأمناء عامون وهياكلهم المركزية والمحلية تكاد تكون أنشطتها مجمدة في مختلف المحافظات ، بينما نرى تصعيدا واضحا وتعبئة مستميتة في جانب الانقلاب وصل الى اتخاذهم إجراءات متعددة للتنسيق بين مكوناتهم وإعلان مايسمى بالمجلس السياسي وعقد مجلس النواب وتشكيل حكومة وغيرها من الإجراءات .
ان المواكبة السياسية لمجريات الأحداث والمستجدات في دول الاقليم في ظل التشابك الإقليمي والدولي في الملف اليمني يحتم على الاخ رئيس الجمهورية والقوى السياسية ان تسارع الى مزيد من الإجراءات في الجانب السياسي على قاعدة الشراكة والتوافق في رفض الانقلاب وبناء مؤسسات الدولة ، وفي هذا الاتجاه لابد من تفعيل اداء ممثلي الشرعية في كل المستويات داخليا وخارجيا واستمرار تقييم و تطوير الخطاب المقاوم للانقلاب عبر مزيد من الالتصاق بالمواطن وهمومه من منطلق اننا جبهة سياسية واحدة .
وحينها نعلم ان الركود هو السبب لا شيء غيره !!
مهندس وحيد علي رشيد
٢٤ديسمبر ٢٠١٦