التطورات الاستثنائية التي تعيشها اليمن وانكماش مساحة العمل السياسي مقابل التغول التي تمارسه فئات الاستقواء بالسلاح ، يحتم على القوى الوطنية الرافضة للانقلاب ان تعيد رسم برامجها من خلال مشروع الجماعة السياسية ولعل هذا المشروع يحمل في صلبه كل تقاطعات الحركة الوطنية التي عملت على مناهضة الاستبداد منذ عقود طويلة .
نقول هذا الكلام ونحن نتابع أصرّار الانقلابيين على العبث بكل إنجازات اليمنيين في الحياة من خلال سلب معنى الوطن من بين أيدينا . هذا الوطن الذي يعني لكل اليمنيين كأكثر مايكون الامن والاستقرار ويعني التعليم والصحة ويعني الأهل والنسب ويعني الحقوق والواجبات لترسم كل تلك المعاني معنى الانتماء الكبير .
ومن هنا تنتصب مهام الجماعة السياسية هذه الجماعة التي لا تمثل حزبا بعينه ولا اتجاها بذاته ولا فئة محددة ولا طبقة معينة ، إنما تمثل روح مقاومة الاستبداد ، هذه الروح التي تجمعنا اليوم كقوى رافضة للانقلاب ومشروعها الاستقوائي التدميري .
الأصل اليوم ان نكون كلنا جماعة سياسية واحدة ضد مشروع الانقلاب الهمجي ، نسعى جاهدين لتحقيق الامن والاستقرار ، هذا مطلبنا جميعا ، وهذا المطلب اليوم من الصعب ان يتم تلوينه بلون حزب بعينه اواتجاه بذاته ، بل ان الجغرافيا تقول لنا اليوم ان احلام الامن والاستقرار اكبر من مطالبنا الوطنية وأوسع من مساحاتنا الجغرافية !! فكيف بمن يعتقد انه يمكنه ان يفصل ثوب الامن والاستقرار على بدنه ؟؟
اما التعليم والصحة فهمًا العاملان الذين لا غنى لأي منا عنهما اذا أردنا ان نتجاوز مطبات الارتكاس التي أصبنا بها تكرارا على الأقل في تاريخنا الحديث ، ان التعليم والصحة عامل قوة وبناء تجمعنا جميعا ونحن ننشد وطنا يمضي للتنمية الى الامام ويرسخ خطاه مقاوما للظلم والاستبداد .
اما الأهل والنسب فَهْم معنى الوطن ولا يستطيع اي كان ان يقف ضد هذه الأواصر الممتدة في جذور أرضنا ، السارية في شرايين دمائنا ، مصدر قوتنا ومظهر عزتنا ، ومهما ترآءى للبعض في لحظات بسبب بطش الاستبداد ان الوطن لا يحتمل اليوم حماية هذه الاواصر ، والفرصة لاتسنح لحماية هذا النسيج الا ان مهمة القوى السياسية كجماعة واحدة تقف ضد الانقلاب تحتم عليها حشد كل طاقتها لحماية الوطن من خلال حماية افراده ومواطنيه في اخص مايملكون من روابط وانساب يستهدفها المستبد ليعبث بالناس فرادى مشتتين .
في ظل هذه المعاني يكون للحقوق والواجبات معنى كبيرا وضخما نستطيع من خلاله ان نجذر للممارسات السياسية وهياكلها بصفتها قنوات رئيسية نمارس من خلالها حقوقنا وواجباتنا ، وعبرها تبرز هياكل الدولة وسلطاتها المناط بها حماية المواطن وتسهيل حياته .
ان الحقوق والواجبات هي عملية تبادلية تتم بين المواطنين أفرادا وبينهم جماعات ، في ظل نظام وقانون يحقق التوازن المطلوب داخل المجتمع بما يحمي كيان المجتمع من كل انواع العنف والدمار .
ان الرد على مشاريع العنف والسلاح اليوم التي يلجأ اليها الانقلابيون لمزيد من التأزيم للملف اليمني لابد ان يقابل بثنائية التوازن بين العمل السياسي والعسكري ولا بد للقوى السياسية المقاومة للانقلاب ان تعيد صياغة أولوياتها التي صيغت في مخرجات الحوار الوطني بصفتها اليوم جماعة سياسية واحدة ،مهمتها الرد على كل مراوغات الانقلابيين وعنفهم وحقدهم بحماية روح الانتماء للوطن ، ولا يعني هذا إلغاء كياناتها ولا جهاتها ولا افكارها ، بقدر مايعني توحيد برامجها ورؤاها في هذه المرحلة حتى يفهم المواطن ان مشروعنا المقاوم للانقلاب مشروعا وطنيا بسيطامفهوما يمكنه من خلاله ان يدافع عن وطنه وهو يدافع عن نفسه واولاده وأهله واوصره ، وهو ينشد امنه واستقراره ، وتعليمه وصحته ، وهو يريد ان يصل الى حقوقه مؤديا واجباته .
مهندس وحيد علي رشيد
١٠ يناير ٢٠١٧