عبدالوهاب طواف
بعد إنقلاب مليشيات الحوثي على اليمن، وتدمير الشجر والحجر، أنقسم الناس إلى قسمين. القسم الأول أيد الشرعية كملاذ آمن للدولة المدنية، بغض النظر عن شخوصها، والقسم الآخر ذاب في وعاء تلك المليشيات. وقسم نأى بنفسه مترقباً لمن الغلبة؛ ووسم نفسه بالطريق الثالث وبالحياد والطيبة والدعة والبراءة؛ وهؤلاء برأيي هم رديف للإنقلاب ومويداً له ومتفرعاً منه؛ بل وأسوأ منه، لأن سكوتهم رجح كفة المليشيات سياسياً، وأغراها بالإستمرار بحربها العبثية.
اليوم وبعد أن تدمر كل شيء وسُفكت دماء الشهداء مقابل دحر الإنقلاب وإنقاذ اليمن، نجد هؤلاء يقدمون أنفسهم كمنقذين للبلد كدجاج مسالمة وحنونه ووديعة ومزيونة، وكحل وسط بين المتصارعين، حسب توصيفهم!. ساووا بين الحكومة الشرعية وعصابة نهبت الوطن ودمرته.
صمتهم حيال مايجري اليوم هو دعم واضح ووقوف بصف الحوثي بعباءة أنيقة وربطة عنق زاهية الألوان. يعني هم يمثلوا جناح الحوثي السياسي.
الحياد في القضايا الوطنية والمصيرية، خيانة وجريمة وعيب أسود.
منتظرين لسفارات الغرب أن تأتي لإزاحة من ضحى بدمه وأولاده وماله وأهله وأرضه في سبيل ردع الباغي وإنقاذ اليمن، وأستبدالهم بالمحايدين "المؤدبين" والمرعوبين من مناظر الدم البشعة، وتسليم اليمن لهم ... سذاجة وبلادة وتجني على كل يمني شريف.
نتذكر بحاح عندما قدم إستقالته، وهرب بعد أول هزة له بمنصبه في ربيع عام 2015م، ولو ثبت بموقعه بعد حبس الرئيس، كان حافظ على اليمن من الفراغ السياسي الذي ملاءه الحوثي بمليشاته، وجنب البلاد الدماء والدمار. هؤلاء أضعف من إن يؤتمنوا مرة أخرى.
ببساطة من حايد اليوم واليمن تنزف دماً لن يكون حامي لها ومدافعاً عن عِرضها مستقبلاً. ومن ليس له رأي واضح اليوم في مايجري لا خير يرجى منه غداً.
السلم والسلام يولد مع الشخص ويترعرع معه، كنيلسون مانديلا والمهاتما غاندي و مارتن لوثر كينغ، ولا يتولد لدى الشخص بتغير التموضوع السياسي والمصلحي؛ أو ينبت في ليلة ويوم.
من حق الجميع الحياد الإيجابي المرتكز على إدانة واضحة لحروب الحوثيين العبثية وإنقلابهم على الحكومة الشرعية، ومعارضة مذهبة وملشنة مؤسسات الدولة.
اليوم أجد نفسي مع العقلاء والحكماء الذين يعملون لتدارك الأمور عبر الإنطلاق من أرضية صلبة بمواقف ثابتة وواضحة المعالم، لإدانة الحوثي وتجريم إنقلابه ونهبه للدولة ومعارضة تطييف وملشنة ومذهبة وظائفها. ونقد واضح بناء لإخطاء الحكومة المعترف بها. نقف أحتراماً لمن يسعى لإنهاء الإنقلاب وإنهاء مفاعيله، لا لتقديم أنفسهم قادة ووزراء لبلد يحتضر؛ ودماء أبناءه مازالت طرية على الأرض، وجراحهم لم يغادرها السقم والألم.
وبالمقابل؛ فإن هناك مجموعة من النخب السياسية الوطنية في البلاد فعلا هم أصوات سلم وسلام؛ ويعملون بصمت وهمه لتدارك مزيداً من الإنهيار وتوقيف الحرب بأسس صحيحة ومداميك صلبة يمكن البناء عليها مستقبلاً أمناُ للأجيال القادمة، لا توقيفاً لحرب تتولد منها حروب. يعملون بمظلة وطنية لا مظلة شخصية وتكسب سياسي ومالي رخيص.