في توقيت حرج ومرحلة ملغومة جاء تعيين حكومة د احمد عبيد بن دغر لتكون حكومة المهام الصعبة.
تولي رئاسة حكومة بهذه المهام الجسيمة وفِي ظروف عاصفة ليس نهج مغامرٍ ولا قرار مقامر.
وبكل تجلياته الوطنية هو تضحية شجاعة تتجاوز حسابات السياسة الانتهازية وتطوي احاديث سانحات الفرص لإشباع الانا المتورمة وزيادة المكدس في الحسابات المتضخمة.
سيذكر الشارع اليمني ان د احمد بن دغر قبل التكليف الأعقد والاعباء الجسام في لحظات تاريخية فارقة
ليرأس حكومة وطنية تواجه انقلابا مليشويا لازال يثخن الوطن قتلا وتدميرا بعد ان أوصل البلاد آلى مرحلة الافلاس وأغرق المجتمع بثقافة الكراهية والمناطقية وسعَّر الخلافات في كل شبر من ارض الوطن.
في ظروف الحرب التي فرضها الانقلابيون على بلدنا ومجتمعنا لا شك سيكون العنوان الابرز للقيادة الشرعية وللحكومة بل وللشعب وقواه الحية هو القضاء على الانقلاب وإعادة اليمن الى ابنائه
هذه المواجهة العسكرية الحاسمة والمظفرة والمستمرة هي احدى الجبهات التي تقاتل فيها الحكومة بكل ضراوة.
لكن الجبهات التي يناضل فيها د بن دغر على راس حكومته متعددة وكل واحدة منها كافية لاستهلاك ما هو متاح من وقت وامكانات متواضعة وموارد شحيحة.
أدار بن دغر حكومته باقتدار واعيا لكل التناقضات في الشارع اليمني التي أفرزها الانقلاب واضعا ضمن مهامه الاساسية والعاجلة الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية التي حفرت في عضدها معاول الانقلاب وأدواته العميقة وشبكة مصالحه المتجذرة في أنحاء اليمن.
قرابة عام يمر منذ تولي د بن دغر رئاسة الوزارء في ابريل ٢٠١٦
ولنتذكر جميعا ان عودة الحكومة الى اليمن كان من التحديات الكبيرة
لكن بن دغر عاد حتى قبل أكثر الوزراء ليعمل من عدن عاصمة اليمن الموقتة وفِي ظل تباينات عميقة ليس المقام للحديث عنها.
أولى الرجل واجباته الاهتمام الممكن للملمة اوجاع الشارع وهو يواجه عوائق بعضها موضوعي واُخرى مفتعلة ومساعي للاحتواء الموجه وسياسات ارباك وافشال مبديا قدرا هائلا من الهدوء الرصين والحنكة السياسية الناعمة ومتمثلا مفردات الصبر الجميل.
سأحاول ان انظر الى الامر من زاوية المسؤول الاول عن الحكومة :
وطن يدمره الانقلاب ويقوده الى مآلات مجهولة ويعمق فيه نزعات الانقسام والفرقة
اقتصاد معطل وشعب يتعرض للقتل الممنهج ويتجه نحو كارثة مجاعة وخدمات مفقودة بل ووصل أكثرها الى المستوى الصفري كل هذا وخزينة فارغة.
هذه كلها مقومات البيئة التي يعمل فيهل د بن دغر وحكومته وزيادة على ذلك محاولات مستمرة لعكس خط السير وإغلاق نوافذ الامل واحباط المجهودات المجترحة لتوفير الخدمات.
لقد كان ولازال توفير الخدمات لمدينة عدن العاصمة الموقتة معركة يومية أخذت قدرا مهما من اهتمامات بن دغر فالشارع الجنوبي ينتظر الإنجازات بعد كل المعاناة التي كابدها.
تحرك بن دغر داخليا وخارجيا لتأمين الموارد المطلوبة لتوفير الخدمات خاصة في قطاع الطاقة ولكم ان تراجعوا نشاطه في هذا الجانب ورغم ذلك يدرك الرجل انه رئيس الحكومة اليمنية فمسوليته تمتد الى أنحاء البلاد وبصره يرنو باهتمام الى كل يمني حيث كان.
ما انفك الرجل يحاول تأسيس ادارة حكومية قادرة وكفوءة تعيد بناء البيت المهدم وترفأ نسيج الدولة البالي والمهترىء والممزق.
لكن الخرق بل الخروق الكثيرة والعميقة والغائرة والممتدة تتسع على الراتق وأزمات تلد اخرى ومليشيات لا تجيد آلا إيلام الوطن وتجويع المواطن ويلات الانقلاب وبغيه لتنتج أزمة الرواتب غبر عابئة بمصير عائلات قرابة المليون موظف مدني وعسكري.
ومن نافل القول ان حكومة تعرف التزاماتها وواجباتها ستعمل ليل نهار على معالجة هذا الملف الحساس والصعب في طل خزانة خاوية نهب اموالها الانقلابيون لكن الشارع اليمني سيتذكر ان بن دغر وهو يوجه بصرف رواتب جميع الموظفين يخاطب في غير مرة بخطاب رجل الدولة الرصين الانقلابيين بالكف عن التوظيف السياسي لازمة رواتب الموظفين ليس للهروب من مسؤلية ملايين البطون الخاوية والأفئدة المكلومة بل التماسا لكل سبيل لحسم أزمة الرواتب بما يمكن الحكومة من استمرار دفع الرواتب لجميع الموظفين.
ربما سيلاحظ الشارع المتخم بالمشاكل والقضايا والجوع والمرض بعض القصور هنا وهناك وان كثير من الملفات لازالت مفتوحة لكن الجميع عليه اعادة التفكير في الظروف المحلية والإقليمية التي تعمل فيها حكومة د احمد عبيد بن دغر
واستقراء جهود الحكومة بمعايير منصفة.
ولا اظن الا ان الحقيقة جلية سيدركها الجميع وان التاريخ سيسجل بافتخار صلابة هذا الرجل ومرونته ووقاره.
وسأقول مختتما ان الشارع اليمني لازال ينتظر من قيادته ومن هذه الحكومة ورئيسها الكثير والكثير وفِي الصدارة تحدي ارساء السلام بعد القضاء على انقلاب المليشيات الطائفية والتوجه نحو يمن جديد.