يحتمل هذا الرجل الكثير من الإساءات، ولا نقول النقد، فصدره، بحسب معرفتي به، رحب ويتقبل النقد البناء والملاحظات، ورغم أن سهام الإساءات توجه اليه، يوميا، فإنه يترفع عن الرد عليها ولا يعرها أي اهتمام، فهو ينصرف إلى العمل والعمل فقط من اجل القيام بمهامه، فخلال عام كامل، انجز الكثير، وأمامه مازال الكثير لإنجازه، في حال تهيئة الظروف الموضوعية لأن يقوم ووزرائه بمهامهم، دون تشويش أو تحريض، كالذي يحدث هذه الأيام.
أتحدث هنا عن الدكتور احمد عبيد بن دغر، رئيس مجلس الوزراء، رجل الدولة الذي قبل تحمل المسؤولية في مرحلة حرب وبلد مدمر وبعد فشل سلفه السابق في إدارة دفة الأمور طوال أشهر طوال.. هذا الرجل اليوم يحمل الكثير من الطموحات لإخراج البلاد من هذه المعضلة التي تمر بها، خاصة المحافظات المحررة، ولكن يبدو أن " أعضاء المطابخ " لا يتركون أحدا يعمل، لا بد وان يحاولوا التشويش والانتقاص من كل الجهود..
قبل اقل من أسبوعين عاد بن دغر إلى عدن بعد سلسلة زيارات لعدد من الدولة الأوروبية والعربية، عاد ويحمل هما كبيرا يتمثل في الإيفاء بالالتزامات بالمتعلقة بالخدمات، وبدلا من أن يساعده الآخرون في القيام بمهامه هو ووزرائه ومحافظ المحافظة الجديد، انبروا للتحريض عليه، وليتهم تركوه وشأنه ليعمل في صمت، ولعل العقل الباطن للكثير منهم يخاطب ذواتهم، بأن نجاح هذا الرجل وتجسيد توجيهات فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي، على ارض الواقع، سوف يؤدي إلى ارتفاع شعبيتهما، في مقابل ضعف شعبية تلك الأصوات وضعف حججها ومواقفها المعارضة للحكومة، والتي تخاطب الناس بلغة لا تمت لمشاكلهم اليومية، باستثناء الأيام القليلة الماضية!
في الحقيقة يشعر المرء بإشفاق شديد على هذا النفر من الناس، الذين يدعون حرصهم على مصالح المواطنين البسطاء، فيما هم يضرون بشكل مباشر وغير مباشر بتلك المصالح، لأن السؤال المنطقي هنا هو: لمصلحة من محاولة إفشال جهود الحكومة ورئيسها والتحريض ضدها وضده؟ ولمصلحة من تضرر مصالح المواطنين؟
لو أن من سخروا إمكانياتهم ووقتهم وأقلامهم لاستهداف رئيس الوزراء، سخروها في اتجاه نقد الانقلابيين وتصرفاتهم وفضح انتهاكاتهم وجرائمهم بحق الشعب اليمني، إلى درجة أوصلته إلى الحال الذي وصل اليه، ولو وقفوا إلى جانب الحكومة، أو على الأقل انتقدوها بعقلانية، لكانت هناك الآن نتائج إيجابية على أكثر من صعيد.. على الأقل، بدلا من أن يضحك العالم علينا وعلى خلافاتنا التي لا تنتهي، كنا أثبتنا للعالم إننا شعب يحب وطنه، حتى وان اختلف، فالخلاف لا يفسد للود قضية، ويمكن تجاوز تلك الخلافات بالحوار، لكن هناك ثابت رئيسي وهو مصلحة الوطن، أولا وأخيرا...!
في الحقيقة، الانتقادات البناءة والنابعة من حرص على مصلحة وطن ومواطن، لا تغضب أحدا، بالعكس يحظى من أطلقها بالاحترام والتقدير لدى الجميع، حتى على مستوى المواطن البسيط، لكن، مع الأسف، تابعت، الأيام الماضية، سلسلة من البذاءات والسفاهة من قبل بعض من يدعون الانتماء لقوى سياسية فاعلة في المجتمع، وفي الحقيقة هم أكثر من يسيئون إلى تلك القوى بحالة الإسفاف التي تطفح منهم بنتانة غير معهودة! وهؤلاء – بلا شك – يجدون الاحتقار من القريب منهم، قبل البعيد!
باعتقادي أن المرحلة الراهنة، هي من أصعب وأحلك المراحل، مرحلة مفصلية في حياة البلاد والعباد، وتحتاج إلى التحلي بالكثير والكثير من العقلانية والصبر والحكمة والتأني، فالمركب واحد، ومن يعتقد انه سينجو، فهو إما جاهل بالسياسة أو يفتقد إلى روح الانتماء..
بن دغر رجل لا يجيد التلاعب بالألفاظ أو المشاعر، ولا يميل إلى الخطابات والشعارات الرنانة، فهو رجل يتسم بالهدوء والرزانة والنشاط في العمل.. اعرف أن البعض لن يتفق مع طرحي.. ولكنها الحقيقة، فالبلد بحاجة إلى أن تمضي إلى الأمام لإعادة بناء مؤسسات الدولة، ولدينا أمثلة كثيرة على حال وصلت اليه بلدان عربية أخرى، وكل ذلك بسبب المكابرة!
**
أحيانا، تشعرك بعض المنشورات وكأن أصحابها يستعينون بعرافات فاشلات، بل بمتخرصين، ورغم ذلك، لا نقول إن " كل شيء تمام "، وانا أكيد بأن دولة رئيس الوزراء سيتعاطى بكل إيجابية مع أية ملفات أو ملاحظات تقدم اليه بخصوص أداء حكومته ووزرائه!