باسم الحكيمي
مقال رئيس الوزراء بن دغر عن عودة العيدروسيين الى عدن وما ينويان القيام به بتاريخ 77 فيه إشارات ورسائل وتحذير مما سيجري ...
اثبتت الايام انه رجل دوله يحترم نفسه وشعبه في مواقف مثل هذه تتطلب شجاعة الرجال ينبري هو بموقف متقدم وشجاع
لا اوضح مما تضمنه مقاله من دلالات ورسائل وإشارات وربما ايضا اتهامات
لقد وضع النقاط على الحروف بدقة وقطع الشكوك بيقين الموقف من رئيس حكومة يعلم ما يدور في بلده وحول بلده ويرسم الصورة واضحة لنفهم دوافع عودة العيدروسيين ومن يقف خلفهم
يجب على قيادة التحالف ان تستجيب لإشارات بن دغر بإعلان موقف صريح من هذه الترتيبات الغامضه التي تتم في الجنوب
لا يوجد احد لديه مشروع بناء او وفاق.… كلهم اصحاب مشاريع حرب ...هذا ما يجيدون ولا شيء غير
هل قرأتم ما غرد به هاني بن بريك ؟!
التهديد بالحرب لانه قد ذاق طعمها كما زعم وادعى
وانا اجزم لو انه ذاق طعم الحرب ومعناها وقاسى بشاعتها وعنفها ودمارها لما هدد بحرب إضافية وكأن اليمن لا بل فلنقل الجنوب لم يسكتفي بعد من ويلات حرب مستمرة وحروب سابقة .
المنتصر كما قال بن دغر من سياتي بمشروع للسلام والبناء والتعايش وقبول الاخر
ليس المنتصر سوى الذي عينه على مستقبل مشرق يسود فيه العدل والامن وتعزز فيه ثقافة الشراكة والمسؤلية المشتركة والفرص المتكافئة
ولنتذكر فقط قبل نحو ثلاثة أعوام كان زعيم الحوثيين ينظر للتغيير ويتغنى بالتغيير وهو أمضى عزيمة من بن بريك واعرق وجودا واقوى عددا وعتادا لكنه هدد كما فعل بن بريك وتوعد بالحرب وانظروا النتيجة اين نحن اليوم
هؤلاء هم امراء الحروب لا يجدو متسعا للشعور بالحياة الا في اجواء القتل والحرب لكنها مع الأسف بيئة لا تصلح للبناء ولا تصلح للبقاء.
واذا كان لدى بن بريك ومن انتعل حذائه متسع من وقت ووفرة من حياة ومال وقوة ليخوضوا حربا إضافية ويفتحوا أبوابا اخرى للجحيم فإن الشعب الجنوبي بتعبيرهم واليمني بلغة التاريخ والعقل والمنطق ليس لديه من ذلك شيء
فالشارع اليمني يبحث عن سلام وسلام فقط
من سياتي بمشروع السلام حتما هو المنتصر وخارج طريق السلام في عدن الكل مهزوم وسيندم ساعة لا ينفع ندم
يدرك الجميع انه ورغم محاولة بريطانيا تمزيق المناطق التي احتلتها جنوبا بدعم مشايخ وسلطنات وجمعتها في اتحاد الجنوب العربي المختلق الا ان هذا الكيان المختلق لم يصمد امام السيرورة التاريخية وسقط مع اول رصاصة أطلقها ثوار اليمن في اكتوبر المجيد
وكما سقط ذلك المشروع المسمى الجنوب العربي فانه مجددا سيسقط اذا تحرر الشارع اليمني من ثقافة الكراهية وموروث الصراع الذي يديره السياسيون الفاشلون الذين يريدون العودة للتسلط على رقاب الناس بخطابات مأزومة.
في الغالب اسباب الصراع بين مكونات اي مجتمع يكون على السلطة والثروة
الشعور المناطقي الذي يتزايد اليوم ينمي النزعات الانانية في كل المحافظات الجنوبية في اليمن ما يجعل الأساس بالمطالبات التي تقوم على النزعات الإنانية المتورمة يستنسخ في اي محافظة او منطقة ويهيء المجال لدخول أطراف للعب بهذه الورقة وتغذية الصراع داخل المحافظات في جنوب اليمن بحثا عن وهم الاستقلال المزعوم.
لا توجد اي دولة او امة او شعب يسمح بتمزيق الوطن تحت اي مسمى والصراع والخلاف على السلطة والثروة يمكن بحثه وإيجاد قاعدة مقبولة من جميع مكونات المجتمع وهذا ما توفر في مؤتمر الحوار الوطني
الجميع يعرف ان تيار الاستقلال في حضرموت موجود ولديه مشروعاته المؤجلة ولا يخفي الكثير من الحضارم رغبتهم في الانعتاق مما يقولون مركزية الشمال او مركزية الجنوب وينادون بدولة مستقلة لكننا نجد منظرو الانفصال اليوم يرفضون اي توجه لانفصال او انشقاق اي محافظة او جزء مما يقولون انه الجنوب العربي فلماذا ينكرون علينا إصرارنا على رفض مشاريعهم التمزيقية التي تتوافق مع مخططات غربية لتمزيق المنطقة
وكما يستندون الى وحدة الجنوب الذي ليس له مجرد تاريخي لرفض انفصال اي منطقة جنوبية فإننا نتمسك بوحدة اليمن ولن نتراجع عن حقوقنا العادلة في اعادة تقسيم السلطة والثروة لتمثل كل منطقة في ادارة الحكم من دون الخضوع لمركز مقدس
هناك ايضا اسباب اخرى تودي الى صراع يقود آلى تمزيق المجتمعات والدول التي تعاني من حاله تصادم الأعراق والثقافات ونحن مجتمع يمني موحد الهوية والثقافة ومرتكزات الهوية ومقومات الثقافة العامة واحدة وبعض الاختلاف في التفاصيل او مظاهر الحياة فهي طبيعية لا تضر بمفهوم الهوية الواحدة والثقافة الواحدة ومن المؤكد ان بعض مظاهر وتفاصيل الحياة اليومية لسكان الساحل والصيادين تختلف عن مثيلتها في مناطق الجبال او المزارعين وهكذا
نحن مجتمع غني زاخر بمفرداته موحد في هويته وثقافته
وبالتالي اي حديث عن نزعات انفصالية باحثة عن هوية مختلفة مرتبطة بالاستعمار البريطاني هي خروج عن السياق الطبيعي والحتمية التاريخية ان اليمن واحد موحد.
وللعلم اليمن عرفت شكلا من اشكال الاتحاد الفيدرالي
قديما حيث كانت المملكة سبأ هي المركز الديني والمملكة الام وتعيش تحت راية اتحاد مملكة سبأ مملكة حضرموت وقتبان ومعين وأوسان
وللذين يتغنون من دون وعي او من لديهم الوعي لكنهم يضلون الشارع او مدفوعين بنزعة انتقامية مرضية او رغبة للعودة الى الحكم نقول ان اسم يمنات كما يقول المورخون كان بداية يطلق على الساحل الجنوبي لليمن من الشحر في حضرموت الى عدن ثم اصبح اسما لليمن منذ الاف السنين ولا نحتاج لمزيد من التفصيل
بعد اخر وهو التداخل الاجتماعي قديما وقبل اعادة توحيد اليمن وبعدها والتداخل في المصالح ولا يمكن ان يقرر مصير امة وبلد جزء من ابنائها ولا بد من مراعاة حقوق ومصالح الجميع.
ثم من قال ان ثمة حقوق لابناء الضالع في عدن تمنحهم الحق في تقرير مصير كما يريدون وهي تبعد عنهم جغرافيا او أبناء اي منطقة في جنوب اليمن وهذا الحق يستثنى منه أبناء محافظة تعز التي هي اقرب جغرافيا لعدن وهي الرافد التاريخي لسكان عدن
اهذا الحق فقط يقوم لان الاستعمار البريطاني سيطر على جنوب اليمن وخط حدودا شطرية الى حيث وصلت أدواته
هذا كلام غير منطقي وتاريخيا نحن نعلم ان اليمن كما غيره تعرض لمراحل صراع متعاقبة وحين كانت تضعف السلطة المركزية تنفصل الأطراف ثم تاتي سلطة جديدة وتبسط سيطرتها على اليمن من جديد ومحاولة التأصيل لوجود هويتين وثقافتين او شعبين هي من معطيات الاستعمار ورغم عبث الاستعمار وما نعيشه اليوم احد تداعيات ذلك العبث القذر الا ان الهوية اليمنية ظلت عصية
واذكر جميع اليمنيين ان اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين كان منظمة واحدة وكيان واحد حتى قبل اعادة الوحدة اليمنية
ايضا النضال المشترك في ثورتي سبتمبر وأكتوبر وهذا يؤكد واحدية المصير
ولا يمكن ان يكون مصير نصف الجسد منفصل عن النصف الاخر
ولنتذكر ان تاريخنا وتجاربنا تنصف اليمن وتصفع كل دعاة التشطير وتفند ادعاءاتهم وفي ذروة الخلاف بين الشطرين وفي ذروة الحروب الشطرية كان هناك وزراء في حكومات الشمال من أبناء محافظات الجنوب وكذلك الحال في حكومات الشطر الجنوبي
وهذا منطق التاريخ منطق الهوية الواحدة منطق الجغرافيا منطق المصالح المشتركة
وحين كانت تحدث اي مواجهات او حروب داخلية او حتى كوارث وقحط الى اين كان ينتقل هؤلاء وهولاء ؟!
ماذا يقول التاريخ القريب والبعيد ؟!
ليس أمامهم سوى التوجه اما شمالا وأما جنوبا
فلماذا يحاول البعض ان يجعلنا نقيضا او يشيطن فئة من أبناء الشعب فقط لمكاسب سياسية رخيصة تفتح الطريق امام تجزئة المجزأ وتقسيم المقسم ؟!
إن الوعي العام اليوم تم تضليله وتغذيته بأفكار لا تنتمي للمنطق ولا للعقل ولا تقوم على سند تاريخي او ديني
وتم إشاعة ثقافة الكراهية وتزييف وعي الناس وتحميل الوحدة أوزار الممارسات والسياسات الاقصائية والفساد الذي مارسه نظام الحكم
وفي ظل مناخ مسموم وملغوم لا يمكن ان ننتج قرارا واعيا من حق أبناء الجنوب التفكير بصوت هادي بعيدا عن الاحتقانات والتعبئة المهزومة ليستطيع النظر بعقلانية وتوازن ليعرف اين يضع قدمه في طريق المستقبل أما أخذ الناس في ظل ظروف صنعت خصيصا لضرب القوى الوطنية التي عملت على تحقيق إرادة التغيير السلمي للتخلص من مشكلات اليمن المزمنة وصراعاته على السلطة والثروة فهو امر مرفوض ولا يمكننا القبول به بل وسياخذنا الى جولات من الصراعات الدموية . ولأنهم يخطئون الطريق وبوصلتهم غير مضبوطة فإن واجبنا ان نعيد إنعاش ذاكرتهم لنعمل معا من اجل بناء يمن قوي موحد ومستقر مزدهر بجهود كل ابنائه