ظلموها كثيراً...
وَصَموا أهلها بالتخلف والهمجية...
قالوا عنهم قُطَّاع طرق...
قالوا أعراب، لا يعرفون إلا ألبان النياق...
ومرة كنت في جدل مع زميلي الأستاذ الدكتور عبدالسلام الكبسي، أستاذ النقد الأدبي في جامعة صنعاء، وعندما لم يعجبه طرحي قال-متهكماً-إنني لا أعرف إلا "حليب الإبل"...
كم حاولوا دفن هذه المدينة في "رمال الربع الخالي"، وهي التي سقتهم "حليبها الأسود"...
وإلى اليوم صواريخهم تنهمر عليها، وخيراتها تصعد إليهم...
كم استهانوا بها، واستخفوا بأهلها...
كم ظلموهم وشوهوا صورتهم...
كم سرقوا خيرات مأرب واتهموا أهلها بقطع الطريق...
وعندما جدَّ الجد...
وعندما أقبلت جحافل الظلام الخارجة من بطون "الملازم" والكتب الصفراء...
وعندما جاء التخلف الفكري والعتهُ الذهني...
وعندما تقيأت الطائفية أحقادها...
وعندما اتصل ذلك القيادي الحوثي بأحد شيوخ مأرب يقول له، في غطرسة بالون مُحلِّق: "، لا تتعرضوا للهلاك، جنبوا أهلكم وأرضكم الحرب"، رد عليه أسعد الكامل، بقوله: "الموت ساعة والمذلة دايمة"...
عندما حلقت أسراب الجراد القادم من مجاهل التاريخ...
نهضت مأرب "أم التاريخ"...
وكما "تنحاش" لبوة هوجم عرينها، "انحاشت" مأرب...
وكما يتداعى أهل النجدة والغيرة إلى المكارم، تداعى أهلها إلى مطارحهم...
ثبتوا دون المدينة الخالدة...
تعاهدوا فوق رمالها...
وانطلقوا يصدون "عيال ظلام الدين" وحلفاءهم من خونة الأوطان والأديان...
وفي الوقت الذي كاد عَلَم الجمهورية أن يطيح تحت أقدام "الإماميين الجدد"، امتدت له يد بلقيس فارتفع عالياً في المدينة التي لا عَلَم فيها اليوم إلا عَلَم اليمن، ولا صوت فيها يعلو فوق صوت الجمهورية...
مأرب...
جاءها ضحايا الحوثي من كل صوب فآوتهم...
من فجَّر الحوثيُ بيته، منحته مأرب مأوى...
من فقد وطنه، عادت مأرب له يمناً كبيراً...
من قتل الكهنوت أباه، ذهبت معه مأرب إلى المعركة...
فتحت قلبها للمظلومين من كل أرجاء البلاد...
نظمت صفوفهم...
دمجتهم مع أبنائها، وانطلقت بهم لا للعدوان، ولكن لصد "مليشيا المعتدين"...
وبعد أن كسرت مأرب "خشم" الإمامة الجديدة، غير الإماميون نغمتهم في اتهامها...
قالوا عنها داعشية تكفيرية...
قالوا عنها متطرفة إرهابية...
قالوا عنها خائنة...
ومع كل تهمة تبتسم مدينة بلقيس، وتمضي على خطا الراقد العظيم في ترابها...
على خطا علي عبدالمغني...
واليوم يمضي "البدو" يفتحون المدارس والجامعات، فيما عطل "عيال ظلام الدين" كل مدارس اليمن وجامعاتها حيث حلوا...
واليوم تتسع مأرب لتضم جغرافيا اليمن وتاريخه...
كل المحافظات في مأرب، ومأرب في قلوب كل اليمنيين...
أحبوا مأرب فإن حبها من الإيمان...