أحترم كل يمني يرى ضرورة بقاء الوحدة، كما أحترم كل يمني يرى من حقه أن يطالب بانفصال جنوب اليمن، كلها آراء محترمة، ووجهات نظر على رأسنا، وهي موضع تقدير واحترام، وفي المقابل عليكم أن تحترموا وجهة نظرنا بطلب استقلال حضرموت عن اليمن ككل جنوبه وشماله، ولا يجوز لكم البتة مصادرة هذا الحق.
سمعتُ مع تحدث عن الوحدة، ورفضهِ المطلق للتفرق والتمزق، في غمزةٍ خاطفةٍ لطيفةٍ تحمل -تحت شماعة الوحدة- إشارات الاعتراض والامتعاض من مطالب الحضارم، لكن الحقيقة التي يأنفون منها، أن الحضارم مُذ كانوا الحضارم؛ أكثر الناس حبا ورغبة في الوحدة والاجتماع والتقارب، ولم يطعنوا أحدا في ظهره، فالحراك منذ ولادته في 2007 وهو يرفع صوته عاليا بالانفصال ولازال، والحوثي حنّ قلبه لعودة إمامة أجداده التي فقدها في 62، وكل هؤلاء أصبحوا ذات شوكة، يملكون الجيش والأموال، ناهيك عن الدعم الخارجي، ويرون في هذا حق لهم، لا يجوز السكوت عنه.
بقي في هذا الجو غير الصحي؛ حضرموت، هي فقط من يهدد النسيج اليمني، وهي العاصية العاقة، وهي النادَّة عن الاجماع اليمني، وهي حاملة مشروع التمزق والتفتت، وهي الخنجر الذي يضرب الوحدة أو دولة الجنوب في الخاصرة، وبعضهم حلاها حبتين واعتبر مشروع حضرموت يتماشى مع تطلعات الإمبريالية والصهيونية العالمية الرامية إلى تمزيق الوطن العربي.
نعم لما رفع الحضارم صوتهم عاليا بحق تقرير المصير، ورفْضِهم للاستمرار في أي دولة تتشكل على الجغرافيا اليمنية، جاءنا من جاءنا، يحاضر عن اللحمة التي مزقوها هم وليسوا الحضارم، وعن الوحدة التي شتتوا شملها هم وليسوا الحضارم، وعن الكيان الذي داسوا عليه هم وليسوا الحضارم، وعن الاستقرار الذي غيبوه خلف الشمس -هم أيضا- وليسوا الحضارم، فما بالكم اليوم تكالبتم على مطالب حضرموت، وأنتم تتمرسون خلف مشاريع التفكك والتمزق والتشرذم؟
أعود وأقول إننا نحترم كل من يحترم مطالبنا، ونجلُّ كل من يرى بعين الانصاف والتجرد، وإن الحضارم صبروا أكثر من نصف قرن، رغبة منهم في دولة عادلة يسودها النظام والقانون، لا تعرف المناطقية ولا الطائفية ولا اللصوصية، ولكننا وجدنا الإبرة في كوم القش! ولم نجد هذه الدولة أبدا، بل وجدنا كل ملامح الطائفية والمناطقية والقومية الضيقة جدا ولوثاتها وأوضارها وأوساخها، ولازالت راياتها ترفرف خفاقة إلى اليوم في كل شبر من اليمن، في تحدٍ صارخٍ لكل الأصوات العاقلة في الداخل والخارج.
نحترم وجهات نظركم، وعليكم احترام خيارنا، وما قدمناه لدولتكم أكثر مما قدمتموه لحضرموت، فأرجوكم لا تجعلوا وجهات النظر تهدم جسور التواصل، وتقطع حبال المودة، واتركوا المزايدات باسم الوحدة والوطنية واللحمة والاجتماع، فقد خَبرْناكم من لأكثر من نصف قرن؛ ولم نر إلا الخيانات تُقْبِلُ وتُدبر في دثار الوطنية.
منصور باوادي
#حضرموت_وطن_مستقل