عدن بين ماض فريد ومستقبل مجهول

2018/03/30 الساعة 08:26 مساءً


.........
? كتبه د.عارف الحوشبي
........
إنها عدن عروسة البحر العربي وجوهرته الفريدة ,
إنها مدينة السلام والامن والتسامح والتعايش ,
لم يذكر التاريخ يومآ ما ان عدن اغلقت ابوابها امام زائر او هارب او لاجئ او قاصد لها بغرض العيش والاستقرار  ,
ففي عدن اختلطت الاعراق  وامتزجت الثقافات , فتجد فيها مواطن عربي وبجانبه يسكن مواطن عدني من اصل هندي وربما يفصل بينها مواطن عدني من اصل افريقي .

عدن فيما ماضى تعايشت  فيها الديانات فعاش في المسلم متسامحآ وبإخلاق دينه وبجانبة اليهودي والنصراني بل وحتى الهندوسي والبينيان دون أي تميز والكل كانوا يرون في عدن وطنهم الاول ولازالت الكنائس والمعابد شاهدة على ذلك التعايش الى يومنا هذا , لقد كانت عدن في الماضي قبلة لكل مظلوم ففي نكسة حيزان اتخذها عدد من الفلسطينين وطنآ لهم وفي اجتياح لبنان احتظنت عدن عدد من اللبنانين وفي كل الصراعات التي عصفت بدول القرن الافريقي نجد ان عدن كانت تفتح ذراعيها للجميع مرحبة بكل لاجئ هارب من نار الحرب وجحيم الصراعات .

 بالامس عدن كانت تنام هادئة وادعة يظل سمائها الامان ويفترش ثراها السلام والمحبة , وهذا ليس بغريب على مدينة استقر فيها عدد من الاعلام والعلماء الذين بلغت شهرتهم الافاق فمن ذا الذي لم يسمع عن أبان او عن البيحاني او العيدروس وغيرهم ,
 ففي الماضي القريب كانت عدن قبلة لكل ثائر في شمال الوطن يمم وجهه نحوها امثال الزبيري والنعمان وبقية الثوار الذين إنتقلوا اليها نظرا لما كانت تتمتع به عدن في ذلك الحين من حرية في الرأي التعبير وانتشار الصحف والمطابع ووجود اذاعة ونواد  ثقافية ,
 بل وحتى في الجانب التجاري كان ميناء عدن ثاني اهم ميناء عالمي من حيث الاهمية التجارية والموقع الجغرافي والذي من خلاله كان يتحكم بالطرق التجارية البحرية لثلاث من قارات العالم .

أين عدن اليوم ؟؟؟
سؤال مؤلم كأنه ضربة سوط على جرح دام .....!!
مع الاسف الشديد وبكل أسى  إن ماقلناه سابقآ عن عدن قد اصبح تاريخ ليس الا ولا وجود لأي أثر له اليوم ,
نقول وبكل مرارة وحسرة في عدن اليوم ضاع الامن والامان والتعايش والتسامح  واصبح  يستهدف فيها كل صوت حر وعقل حكيم , 
في عدن اليوم اصبحت اخطر مهنة ان تكون خطيب جامع او امام مسجد او عالم شريعة , ولا بأس ان تكون بلطجي اوسارق اوقاتل .....

في عدن اليوم يستهدف بالقتل او السجن او التشريد كل من دافع عنها وضحى من اجل حريتها وعلى النقيض من ذلك نجد ان القاتل الذي قتل ابناء عدن ونسائها وشيوخها يجد في فيها من الامان والحماية مالم يجده حتى بلدته او بين اوساط اهله وقبيلته.....

عدن اليوم وبفعل اياد لاتريد لها الخير أصبحت طاردة للاحرار والحكماء والعقلاء ومن يستقر منهم فيها وبالاخص أولئك الذي وقفوا ضد الانقلاب الحوثي العفاشي فهم في خوف ووجل ولايعلمون ماتخفيه لهم الايام القادمة ...

في عدن اليوم يعلو منسوب اصوات الفتنة والتخريب , بل نجد ان اصوات الحقد والكراهية في حالة مد وارتفاع , وقليل مانسمع صوت عاقل او مصلح اجتماعي فقد اصبحت هذه الاصوات في حالة جزر وتراجع ...

في عدن اليوم اصبحنا نرى ملامح مستقبل مجهول مخيف يستهدف ماتبقى فيها من قيم وبقايا نظام و رمزية للدولة وللمدنية العدنية الاصيلة .

في عدن اليوم هناك ملامح غول مرعب يطل بقرونه ليستبيح الدم العدني هادفآ من ذلك اذلال ابنائها  حتى اصبح العدني يقتل ولابواكي له عدى بعض الحروف الحزينة والخجولة على مواقع التواصل الاجتماعي .

في عدن اليوم يتسآئل العقلاء وهم في حيرة من امرهم , 
ماذا تريد هذه الايدي العابثة من عدن ؟

وماذا استفادت حتى الان من قتلها لأكثر من عشرين عالم وخطيب وامام عدني ؟

لماذا وبأي حق تم استباحت دم المحافظ الاسبق العدني الشهيد جعفر محمد سعد ؟
هل ذنبه انه عدني ؟
ام ان ذنبه انه اراد انتشال عدن ونقلها من الواقع الاليم الى مستقبل زاهر يملئه الامل والبناء ؟

ترى من يخدم هاؤلاء القتلة بممارساتهم الرعناء تلك الممارسات التي اعاقت الحكومة عن القيام بدورها , ومنعت عدن من القيام بواجبها المنوط عليها القيام به كعاصمة سياسية مؤقتة واقتصادية دائمة اليمن , وايضا اعاقة تلك الممارسات نقل السفارات الاجنبية الى عدن وبالتالي حرمان ابناءها من الامتيازات الكثيرة التي كانوا سيحصلون عليها ؟

لماذا الى اليوم وبعد ثلاث سنوات من التحرير لم تستفد عدن من مينائها ومطارها ومصافيها .... ؟

اسئلة كثيرة ومثلها كثير لايجد المواطن العدني لها اجابة شافية .

فهل ياترى سيطول امد العبث الحاصل في عدن اما ان زواله سيكون قريبا