************************
كانت الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو إنجازا عظيما حيث أنها وحدت الجغرافيا والإنسان اليمني ذلك أن اليمن بشطريه عانى الكثير من المناكفات السياسية والحروب الداخلية التي عصفت أنذاك با لشطرين ولقد فرح الشعب اليمني بهذا الإنجاز ظنا منه أن الوحدة ستكون سياجا منيعا وحصنا حصينا يحفظ لليمن مكنوناته وأنها سترتقي بالوطن والمواطن الى سؤدد الحياة الرغيدة وأنها ستدخلنا في آفاق واسعة نصل بها إلى مصاف الدول المتقدمة
الوحدة اليمنية كانت حلما تحقق ولكن على أياد عابثة غير جديرة بأن تكون قائمة على مثل هذا المنجز الكبير الذي يفوق حجم صانعيه فلم يكن البيض ولا صالح الرجال الوطنيين الذين يصنعون التاريخ بل لقد كانت الوحدة في عندهم حدثا غير مدروس الجوانب وحدة لم تراعي حقوق الشعب الجنوبي ولا الشعب الشمالي وحدة هشة لم تبنى على أسس وطنية حقيقية بل إنها كانت أشبه بشراكة رجلين لم يكونا ناضجين بما فيه الكفاية أو قل كان أحدهما أحمق والآخر خبيث فاتفق الأحمق والخبيث على نوايا مبطنة بالسوء لم يكونا حريصين على من استرعاهما ووثق فيهما بل كانا ينظران للأمر بسطحية تامة ولم يضعا إتفاقا حقيقيا يحفظ حقوق الشعبين في الشطرين ولذلك كانت سوء النوايا هي الغالبة على هذه الوحدة التي فشلت في سنينها الاولى وانتهى بريقها وخفت رونقها
لم يكن الشعب اليمني بحاجة إلى وحدة إندماحية بقدر ماكان يحتاج في البداية إلى فتح الحدود والسماح بحرية التنقل والتجارة وحرية الحركة وهذا أمر كانت تستطيع القيادة السياسية في الشطرين من تحقيقة كمرحلة اولى أو كمرحلة إنتقالية والمضي بعد ذلك في الإعداد للمرحلة الثانية وهي صياغة البرنامج العام والأهداف للدخول في بناء الدولة الفيدرالية وذلك بعد خمس سنوات يفترض أن تكون من المرحلة ألأولى لفتح الحدود
لكن للأسف أن القيادة في الشطر الجنوبي كانت قيادة غير جديرة بأن تحكم شعب وليست مؤهلة التأهيل السياسي والإداري الذي يخولها بأن تدخل في أي إطار سياسي متوازن بل لقد دخلت بطريقة مبتذلة في إطار لايحفظ الحقوق والحريات ولايضع ضوابط وخطوط رجعة في حال فشلت الوحدة بل لقد غامر الساسة الجنوبيون ولم يكونوا بحجم المشروع الوطني الذي شرعوا بالدخول فيه ووضعوا مستقبل الشعب ومصيره في وحدة مجهولة الجوانب لا يوجد لها برتكول أو اتفاق ينظم العمل السياسي ويحفظ للشعب حقه سواء في الجنوب أو الشمال بل لقد وضعوا كل مكنونات البلاد وخيراتها في أياد عابثة غير مسؤولة لعصابة لا تنطلق من منطلقات وطنية بقدر ما استحوذت على السلطة والمال واجحفت الشعب والدليل أن صالح على مدى سنوات الوحدة كان يصنع إمبراطورية إقتصادية خارج البلاد ومدن سياحية في دبي وفي العديد من البلدان ارهقت الإقتصاد الوطني وأضاعت مليارات كانت كفيلة بأن تصنع نهضة حقيقية يستفيد منها الوطن والشعب ولسوء نيته وعدم رغبته في البناء الاقتصادي فقد أهمل ميناء عدن ولم يفعل المنطقة الحرة المتفق عليها في إتفاقية الوحدة وفي الاخير تآمر على الميناء وأجره لشركة موانئ دبي والتي شلت حركته وأماتته وجعلته غير فاعل
الجنوب ونظامة الاشتراكي المنغلق ونخبته السياسية العقيمة سياسياً دخلوا في وحدة ولم يتم الغاء القوانين التي أصدرتها حكوماتهم بعد العام 67 والخاصة بتأميم ممتلكات الشعب والغاء الملكية الخاصة وهذا يدل دلالة واضحة أن البيض ورفاقة كانوا على مستوى عال من الحماقة والرعونة والغباء وإلا لماذا. لم يصدروا قرارا بإلغاء قانون التأميم وإعادة الحقوق إلى أهلها قبل البدء في الدخول في الوحدة حتى لاتكون أملاك أبناء الجنوب ملكية عامة يصرفها علي عبدالله صالح لمتنفذين من أبناء الشمال ولقد كان حريا بهذه النخبة السياسية الإشتراكية أن تعيد النظر في قوانينها التي أصدرتها إبان تبنيهم للنهج الاشتراكي ولكن كما يقول الشاعر لكل داء دواء يستطب به. إلا الحماقة أعيت من يداويها
وهذا الأمر أضاع حقوق أبناء الجنوب وأهدر ممتلكاتهم وصارت بعد ذلك توزع على مواطنين شماليين من قبل صالح وهذا أمر مجحف
في الجانب الآخر كان نظام , صالح المتربص والذي خطط ومهد للوصول إلى هذه النتيجة الحتمية وتذويب وصهر الجنوب باقليته في محيط الأكثرية الساحقة من أبناء الشمال وأنا لا أعيب هنا أبناء الشمال فهم اخوتنا غير أن ساستنا لم يضعوا ضوابط تنظم العلاقة الأخوية بيننا بل لقد كانوا سببا في إحداث الشرخ والهوة بين أبناء الشعب وزرعوا الأحقاد والكراهية بتمييزهم الطبقي والمناطقي
وأضروا بالنسيج الاجتماعي
الوحدة اليمنية الدمجية فشلت فشلا ذريعا ولم تحفظ الحقوق والحريات بل لقد تنفذ فيها مجموعة اختزلوا اليمن في كياناتهم وفئاتهم وأسرهم وتركوا الشعب يرزح في الفقر والذل والمهانة استطاع حزب المؤتمر الشعبي العام خلال ثلاث سنوات من إقصاء الشريك الأساسي في صنع الوحدة واستبداله بحزب الإصلاح الذي دخل في إئتلاف مع حزب المؤتمر وشكلوا حكومة أقصت شركاء الوحدة بعد حرب صيف 94 التي أسست لسلطة الأمر الواقع والغت برتكول الوحدة الذي كان من ورقتين عقيمتين لايتضمنان أي مفاهيم وطنية بقدر ما كانتا ورقتين لزواج غير شرعي لعدم الأهلية العقلية والنفسية والاجتماعية والثقافية والسياسية للقائمين
على هذا الأمر وهو ( الوحدة الدمجية) وأعني بهم نخبة الجنوب الغير مؤهلة والغير جديرة بقيادة شعب
واختصارا لكل هذه الإخفاقات والارهاصات التي اعترت سير الوحدة وحرفت مسارها واضرت ضررا بالغا بالشعبين في الشمال والجنوب وأفرغت الوحدة من مضمونها الوطني وأدخلتنا في حروب أنهكت الشعب اليمني وأضرت به وها نحن اليوم على اعتاب عهد جديد وهو عهد فخامة الرمز المارشال عبدربه منصور هادي وعهد مخرجات الحوار وبإمكاننا ترميم ما أفسده السابقون والدخول في بناء دولة إتحادية قوية تحفظ الحقوق والحريات وتنطلق بنا نحو آفاق واسعة من البناء والتنمية وصنع واقع حضاري نواكب فيه التطور التكنولوجي والتقني ويرتقي فيه المجتمع اليمني والإنسان إلى مصاف الدول المتقدمة
ونستطيع أن نبني دولة يتساوى فيها ألجميع أمام القانون دولة المؤسسات التي تلغى فيها الفوارق الطبيقة والفئوية ويتساوى الجميع أمام القانون
و لكن مع كل هذا يجب أن يراعي حق الشعب الجنوبي في إستفتاء شعبي على تقرير مصيره بعد خمس سنوات لفترة فيدرالية مزمنة وهذا حق تكفله المواثيق الدولية ولربما أن السواد الأعظم يفضل البقاء في الدولة إلإتحادية أو العكس ومن حق الشعوب أن تستفى في تقرير مصيرها واعتقد أن إخواننا في جميع التنظيمات السياسية والشعبية في الشمال قد وصلت إلى خلاصة مفادها أن الحب من طرف واحد لاتبنى عليه علاقة أسرية سعيدة وسوية فالحب يجب أن يكون من الطرفين لتستقر الأسرة
وكل عام وانتم بخير
عبدالناصر بن حماد العوذلي
22 مايو 2018