عبدالباسط القاعدي
لقد حدد الشارع اليمني بوضوح موقفه الرافض للحوثي وهذا الرفض يتعاظم يوما بعد يوم ولقد اضحى هذا الرفض بوصلة تحدد لليمنيين من هم حلفاءهم ومن هم خصومهم، وفِي هذا السياق فقد سقطت شخصية (المقاوم) حسن نصر الله الذي استمرت صناعتها سنوات وأنفق عليها اموالا ودماءا طائلة، وأضحى بين ليلة وضحاها في عين اليمني مجرد شخصية كهنوتية ماضوية قبورية حاقدة بعد موقفه المساند للحوثي، وبالمثل فإن مجرد المواقف الملتبسة من الملف اليمني تفسر بأنها دعم ومساندة للحوثي عوضا عن المواقف الواضحة.
إن اليمني بطبعه حاد الذكاء متقد البصيرة لا تنطلي عليه الحيل ويعرف صديقه من عدوه وحليفه من خصمه، واي جهد يَصْب في مصلحة الانقلاب الحوثي لن يفسر إلا كموقف عدائي والعكس صحيح.
وبالقدر الذي اثبتت عاصفة الحزم وإعادة الأمل واحدية المصير لدول الجزيرة العربية وبالأخص اليمن والمملكة العربية السعودية فقد برهنت على حكمة وحنكة القيادة السعودية واستشعارها العالي لدورها القيادي الريادي في المنطقة.
ولقد قدمت المملكة ولا تزال خلال سني العاصفة الغالي والنفيس لاستعادة اليمن المخطوف من قبل مليشيات الحوثي الإيرانية ومن اجل عودته سليما معافا الى حضنه العربي، وسخرت في سبيل ذلك كل امكاناتها وقضت وقوضت أحلام ملالي طهران التي خرجت تعلن بلا حياء ولا خجل أن صنعاء هي العاصمة الرابعة التي انضمت الى محور (المقاومة!).
إن قدرية العلاقة بين اليمن والمملكة تؤكدها وشائج الدم والقربى، وحقائق التاريخ والجغرافيا، وحقوق الجوار، وواقع التضحيات المشتركة المعمدة بالدم المختلط في سبيل أمن وسلامة اليمن.
ولعل 3 سنوات خلت هي عمر عاصفة الحزم كافية للحيلولة دون وافشال محاولات البعض لصنع المياه العكرة للاصطياد فيها بغية ضرب هذه العلاقات المصيرية والاستراتيجية، والتشويش عليها بصناعة الوهم والترويج له للنيل من هذه العلاقة الراسخة والمتينة.
لقد قالها وكررها ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان اكثر من مرة وفِي اكثر من لقاء ان اليمن عمق وأصل العرب وكل جذور وأعراق العرب ترجع الى اليمن، ولا غرو ان تنبري المملكة وقيادتها العروبية الأصيلة للحيلولة دون سقوط أصل العرب في أحضان إيران في استجابة سريعة وقوية وذكية لنداء الأخوة والجوار الذي أطلقه رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي لإنقاذ اليمن من المتمردين الحوثيين الذين انقلبوا على الاجماع الداخلي والخارجي.
وتنبع تأكيدات القيادة السياسية اليمنية الدائمة والمستمرة على عمق ومصيرية العلاقات اليمنية السعودية من ايمانها العميق وإدراكها الواسع للمصير المشترك والمصلحة العليا التي تحتم على البلدين التفكير والعمل من منطلق الأمن القومي ووفق منهجية تضمن أمن المنطقة والعالم نظرا للموقع الجوسياسي الحيوي والمهم التي يتمتع به البلدين ويؤثر وفق التلقبات سلبا او ايجابا على الأمن والاستقرار العالمي.
إن محاولات فصل اليمن عن محيطه العربي او تحويله الى خنجر في خاصرة جيرانه ليست سوى محاولات رعناء وحماقات وطيش غير مبرر ولن يكتب له النجاح، ولَم ولن يتحول اليمني الذي هو أصل العرب الى معول هدم لتاريخه المشرق، وكما فشلت فارس في القرون الغابرة في الاستحواذ على اليمن فقد فشلت اليوم مرة اخرى في ذلك.
إن المزاج الشعبي الرافض لمشروع الحوثي يقابله التفاف واسع حول الشرعية والتحالف العربي لدعم استعادة الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، فالشارع اليمني في ترقب وانتظار وتلهف لمعركة التحرير الكبرى التي ستتوج بتطهر صنعاء، حتى أولئك الذين هم بمناطق سيطرة مليشيات الحوثي الإيرانية تشرئب اعناقهم لسماع اخبار الانتصارات هنا وهناك، فمعركة الساحل الغربي وكل المعارك حين تتحرك فإنها تحرك احلام اليمني في الخلاص الكامل من الوجع الحوثي البغيض.
ولإن كان الحوثي يتعامل مع المواطنيين في مناطق سيطرته باعتبارهم رهائن ومصادر دخل وإثراء غير مشروع وهو ما بات يدركه ويفهمه الجميع فإن انتظار لحظة الانعتاق من الكابوس الحوثي حلم كل يمني.
ومثلما سيكون الانقلاب الحوثي المدعوم ايرانيا ماضيا بغيضا ووجعا عالقا في الذاكرة اليمنية، فإن الموقف الاخوي الناصع للمملكة العربية السعودية سيبقى دينا في عنق كل يمني أبد الآبدين..