محمد عبدالله القادري
ليس سطحياً ولم يكن محصور في زاوية ضيقة او منعزل في الجزءيات ، بل هو عميقاً ذو رؤية واسعة وثقافة ملمة .
في قليل من الكلمات يحوي الكثير من المعاني ويشمل العديد من الجوانب .
هذا ما استطعت معرفته عن الناطق الرسمي لدول التحالف العربي العقيد الركن طيار تركي المالكي من خلال مؤتمراته الصحفية وتصريحاته .
بضع كلمات يقولها ، يضع عبرها المئات من الرسائل القوية ، ويثبت بها الادلة والبراهين الدامغة ، ويتغلب بها على كل الشائعات والابواق الاعلامية المعادية ، ويكشف فيها عن الكثير من الحقائق والمعلومات الواقعية .
" الميليشيات الحوثية عبثت بمقدرات الدولة اليمنية"
هذه الجملة التي تتكون من ست كلمات فقط ، قالها العقيد تركي المالكي اثناء مؤتمر صحفي حضر فيه شيوخ محافظة صعدة ، استطاع ان يحوي فيها كل جرائم الحوثي بحق الدولة اليمنية التي ارتكبتها عبر قيامها بمشروع الانقلاب.
ست كلمات فقط ، ولكن شرحها يحتاج لستة الاف او ستون الف كلمة ، وكتابة الشرح تحتاج ستون او ستمائة صفحة على الاقل.
جملة واحدة مناسبة وكافية لتعرف العالم والمجتمع الدولي بمثقفيه وخبراءه في السياسة والحقوق ، وعامته بمختلف الاطياف عن الجريمة التي ارتكبتها ميليشيات الحوثي بحق الدولة اليمنية.
كل الكلام الذي سمعته من قبل عن وصف جريمة الحوثي بحق الدولة اليمنية ، كله كلام جزءي محصور ضعيف في الوصف والتشبيه ، يتضمن حصر اضرار تلك الجريمة بنهب احتياطي نقدي يقدر بخمسة مليارات دولار ومصادرة المرتبات عن الموظفين وما شابه ذلك .
ولكن العقيد تركي المالكي في ست كلمات وضح الجريمة توضيحاً عاماً وشاملاً وكلياً .
الميليشيات الحوثية عبثت بمقدرات الدولة اليمنية ؟
مقدرات الدولة ليست ما كان في البنك من احتياطي نقدي ، او مصادرة الموارد منذ قيام الانقلاب قبل ثلاث سنوات فقط.
مقدرات الدولة اليمنية هي المكتسبات التي حققتها خلال خمسة عقود من الزمن منذ بداية ستينات القرن الماضي .
مقدرات اكتسبتها دولتين في اليمن الشمال والجنوب قبل الوحدة ثم استمرت باكتسابها الدولة اليمنية الواحدة بعد الوحدة .
مقدرات تجمعت في عهد عدة رؤساء لليمن تعاقبوا منذ قيام ثورة سبتمبر في الشمال واكتوبر في الجنوب حتى قيام الانقلاب الحوثي ضد الدولة .
تلك المقدرات تم اكتسابها من ثروات الوطن واموال الشعب ومساعدات ومعونات وهبات الكثير من الدول الشقيقة والصديقة.
ولكن ميليشيات الحوثي عبثت بتلك المقدرات كلها التي اكتسبتها الدولة اليمنية حصيلة اكثر من خمسين سنة بانقلابها على الدولة.
عندما تبدأ اي دولة بمرحلة عهد جديد ، فأنها تواصل وتكمل لما توقف عنده العهد السابق .
مقدرات الدولة لم يكن اكتسابها يتم في يوم واحد ، ولكنها تحتاج لمدة كبيرة ، تتجمع من وقت لآخر ، وتزداد من حين إلى حين.
تشمل كل الجوانب وتعم كل الاتجاهات في الدولة .
ولكن جماعة الحوثي بانقلابها على الدولة اليمنية عبثت بكل المقدرات وسحقت كل المكتسبات وصادرت كل المنجزات ، اي انها هدت كلما كان مبنياً وقضت على كلما قد تحقق من قبل ، وهو ما سيجعل اعادة مشروع الدولة يحتاج لمقدرات يبدأ بدايتها من الصفر ويعمل لوجودها من اللاشيئ.
دعوني اضرب لكم امثلة بسيطة فقط حول عبث ميليشيات الحوثي بمقدرات الدولة اليمنية .
عبثت وصادرت جماعة الحوثي ما يقارب مائتي الف سيارة حكومية كانت تمتلكها الدولة ، تتبع الجيش وتتبع التعليم العالي كالجامعات ، وتتبع الوزارات والمرافق الحكومية المختلفة .
تكلفتها تتراوح ما بين ثلاثة مليون إلى خمسة مليون ريال يمني واكثر .
اذا حسبنا تكلفتها بمتوسط ثلاثة مليون ريال ، فان تكلفة اجمالي مائتين الف سيارة حكومية سيكون ستمائة مليار ريال يمني ، اي اكثر من اثنا عشر مليار دولار.
عندما قامت ميليشيات الحوثي بالاستيلاء على المؤسسات الحكومية ، نهبت كلما بداخلها من أثاث ومقتنيات واجهزة لابتوب حتى الفرش نهبتها من الارض وباعتها ، نهبت الاجهزة والمعدات في المرافق التعليمية والصحية وغيرها .
تكلفة ذلك تتجاوز عشرة مليارات دولار .
قامت جماعة الحوثي بتشليح كل المصانع الحكومية وكل معدات الكهرباء ، ونهبت كل الاجهزة والمعدات في جانب الاتصال والنقل وغيرها ، بما فيها المتعلق بالطيران المدني .
وهذه تكلفتها الاجمالية يقدر بمليارات الدولارات .
في الجانب العسكري:
الدولة اليمنية كانت تمتلك مقدرات عسكرية كبيرة ، اكتسبتها من اجل المحافظة على امن واستقرار الدولة.
تلك المقدرات تم اكتسابها في اليمن الجنوبي والشمالي ، ثم تجمعت في عهد الدولة اليمنية بعد الوحدة ، وتم تخزينها كلها في العاصمة صنعاء وما جاورها .
جماعة الحوثي بانقلابها على الدولة ، عبثت بتلك المقدرات لتستخدمها لزعزعة والامن والاستقرار في اليمن وتوجهه نحو استهداف أمن واستقرار الجيران لليمن والمنطقة العربية .
فهناك من تلك المقدرات العسكرية ما تاجرت بها ، وهناك ما قاتلت بها .
خمسة مليار طلقة رصاص منها اثنان مليار رصاصة اعطتها روسيا لليمن في عام 2012 حسب ما قال نائب الرئيس في احدى مقابلاته ، هذه الكمية نهبتها جماعة الحوثي وباعتها ، لأنها لم تعد تحتاجها فهناك ما يغطي حاجتها ، ولديها اسلحة كثيرة تصل لها عبر التهريب من إيران وغيرها .
تكلفة الطلقة الرصاص في اليمن مائتين ريال .
تكلفة خمسة مليار من الذخيرة ستمائة مليار ريال يمني ، اي تتجاوز اثنا عشر مليار دولار .... هذا في جانب الذخيرة فقط .
خمسة مليون قطعة سلاح خفيفة ومتوسطة نهبتها جماعة الحوثي وباعتها لأنها لم تعد تحتاجها فهناك من الاسلحة غيرها ما يواكب خوض المعركة وما يملئ كل المخازن الخاصة بالجماعة .
سعر ارخص قطعة يتجاوز خمسمائة الف ريال يمني ، وسعر اغلى قطعة من السلاح المتوسط تصل اربعة مليون ريال .
لو جمعنا التكلفة الاجمالية لتلك القطع على اساس متوسط سعر مليون ريال فقط ، فأن التكلفة تتجاوز خمسة تلريون ريال يمني ، اي اكثر من مائتين مليار دولار .
فما بالكم بالصواريخ التي عبثت بها ميليشيات الحوثي ووجهتها لمقاتلة الدولة واليمنيين والدفاع عن انقلابها .
وما بالكم بالكثير والكثير من هذا القبيل .
هذه امثلة بسيطة ، وعلى ضوءها قيسوا بقية مقدرات الدولة اليمنية التي عبثت بها ميليشيات الحوثي .