الكثيري: مرابطٌ على تخوم الوهم
منصور باوادي
منشور الناطق الرسمي للمؤتمر الجامع الأستاذ علي الكثيري عن استقالة الأمين العام للمؤتمر الدكتور عبد القادر بايزيد يذكرني بمقولة ضربني وبكى سبقتي واشتكى.
ما أجمل أن يتحدث الكثيري عن النظام الداخلي للمؤتمر والتزام أعضائه بمهامهم وعدم التجاوز، ومسؤوليات لجانه، لكن مثل هذا الحديث آخر من يتناوله بموضوعية ومصداقية هو الكثيري نفسه، والسبب واضح جدا ولا حاجة لإعادته وتكراره، لأنه ملأ الدنيا ساعة قيام المؤتمر الجامع.
وأيًّا كانت تجاوزات بايزيد المزعومة التي حرّكت وبعثت الإحساس الوطني الحضرمي لدى الكثيري، وجعلته يستنفر بمنشور طويل عريض، فإن السيد الكثيري شعر في تحركات الدكتور بايزيد إضرارا بمشروعه الجنوبي وليس الحضرمي، وبما أن الكثيري يعد حامي حمى المشروع الجنوبي داخل الكيان الحضرمي "مؤتمر حضرموت"، فمن الطبيعي أن نسمع زعيقه يشق الحجب.
أنا اتعجب أن يمارس الكثيري مع الرأي العام الحضرمي، نفس " البروباغندا" التي انتهجها الحزب الإشتراكي"من ليس معنا فهو ضدنا"، وبالتالي فالدكتور أصبح -ومن منظور كثيري بحت- وفجأة؛ من الإتجاه المعادي لحضرموت، والذي يحاول أن يجرها للهاوية السحيقة، ليظهر بعدها الكثيري على حصان أبيض من بين السحب، فيأخذ بيدها إلى بر الأمان والإطمئنان ألا وهو المشروع الجنوبي؛ هكذا أُريد للرسالة أن تكون.
ولا ننسى أن بهارات الكثيري التي ملأ خبره بها، حتى يظهر حُسن وجمال طبخته في الوسط الحضرمي، هي ذات البهارات التي ينثرها إعلام الإنتقالي صباح مساء، فبمجرد أن ينتسب الدكتور بايزيد للإصلاح فهو بمثابة خنجر في خاصرة حضرموت، بخلاف أن ينتسب الكثيري للإنتقالي الجنوبي، فهو بمثابة تاج على رأس حضرموت. فمن يشهد لي أن هذا الرجل يحمل رأسا فوق كتفيه كرؤوس الناس.
أشعر بخيبة أمل كبيرة، نعم كبيرة جدا!! لأن الكثيري وهو "الناطق!!" لم يلحظ كل هذه "التجاوزات البايزيدية" منذ ولادة مؤتمرهم في إبريل 2017، ولم يكن على علم بهوية الدكتور بايزيد الحزبية، وإنما تنامى إلى علمه مؤخرا أن الدكتور بايزيد إصلاحي جلد، أحد خلايا الإصلاح. ولا أعلم هل التقصير من الكثيري نفسه الذي لايعرف انتماءات من حوله داخل مؤتمره، أم من لجنة العلاقات والإعلام الإنتقالية التي غفلت عن تزويد "الناطق !!" بهكذا معلومة.
إنني أشفق على الأستاذ علي الكثيري، الذي نصب نفسه عَلَما ينتصر للقضايا الجنوبية من المد الحضرمي، ويجعل من جسده النحيل سدا منيعا لحماية دولة النظام والقانون والعدل، الجنوب العربي، من أن تُؤتى من قبل حضرموت، فالأستاذ علي له فضيلة، وهي أنه مريح جدا لمن يحسن أن يستخدمه، أرأيت إلى الدمية التي تدير مفاتيحها لتملأها، فإذا هي تحرك يديها وتمشي برجليها، وتترنح أحيانا وتعتدل، وتختال أحيانا وتستقيم حينا، وتوشك تبكي حينا آخر، وتفتح عينيها تارة، وتغمض جفنيها تارة أخرى، ولو لا قضاء الله على الجماد لنطقت، ولو لا قضاء الله لظلت تأتي من ذلك ما تأتي إلى غير انقطاع؟ ومحركها في خلال ذلك، ساكنٌ قارٌّ لا يبالي، ولا عليه أن لا يتدخل في أعمالها، لأنها قلما تخطئ في عمل.