14 اكتوبر ثورة متجددة بدون الحاجة الى من يستغل ذلك
د. فائزة عبد الرقيب سلام
نحتفي اليوم بالذكرى 55 لانطلاق ثورة 14 اكتوبر المجيدة وبلادنا تمر في ظروف صعبة .. دمار وخراب في البنية التحتية ومؤسسات الدولة، تدمير نفسي للمواطن ومعاناة لا حدود لها من فقدان الامن والامان وظروف معيشية واقتصادية اشد صعوبة .. معاناة غصتها مرة ممزوجة بحنين لانفراج الحياة وقلق من تصعيد الصراع الثانوي بين قيادات ومناضلي وابناء واحفاد ثورة اكتوبر الذي يصب في مصلحة ذوي المصالح الخاصة والمشاريع التوسعية في السيطرة على اراضي وثروات وخيرات بلادنا بل وتجفيف اقتصادها وتبعيته لهم وهو الامر الذي لن يحقق للوطن او الانسان الاستقرار او الامن او الازدهار..
ان الاحتفاء بذكرى الثورة وان ضعفت او اختفت مباهجه لن يقلل من عظمتها او يخفت توهجها فالثورات الحقيقية لا تموت ابدا، تتجدد دائما وفقا لقاعدة التراكمات الكمية التي تنتج واقعا كيفيا جديدا متسقا مع مقولة الثورات الخالدة والثورات المتجددة تحتاجها الشعوب دائما في المنعطفات التاريخية تستمد منها القوة والخبرة لحسم الصراع الثانوي مهما كان توصيفه اوتسميته، صراعا ناعما، صراعا من أجل التقدم الذي تتطلبه هذه او تلك المرحلة التاريخية ،صراعا من أجل نقلة نوعية لحياة كريمة ومستقبل مزدهر ..
الا ان حقيقة الثورة المتجددة يمكن ان يحدث عندما تتعطل عجلة الثورة عن الاستمرارية في عطائها أو يتراجع فيها نبض الحياة من أجل الانسان والمستقبل لأسباب ذاتية أو موضوعية.. حينئذ فإننا بحاجة إلى ثورة تجديد سلمية .. ثورة عقلانية بناءة عبر المكاشفة لأسباب التراجع او الاخفاق وتلمس مواطن الضعف ومكامن الخلل فيها والتعامل مع الموقف على اساس النقد والبناء والمشاركة الإيجابية ولا يجوز استخدام اساليب الضغط المختلفة على المواطن لخلق مبررات مخطط لها سلفا بكل بوعي وادراك وهو ما تشهدهالمناطق المحررة في انعدام الامن والغلاء في المعيشة وضعف او انعدام الخدمات وبالمقابل فان مطالب الشعوب وحقوقهم تظل مشروعة ولن تستطع اي قوى اختزالها او سلبها او مصادرتها بل يمكن تحقيقها بالنضال السلمي مهما طال الزمن وليس من خلال الدعوة لتجديد الثورة على اساس أسلوب الهدم وإعادة البناء فإن فيها ما يسيئ لكل شهيد فقد حياته في سبيل الثورة وفيها خذلان لكل مواطن أمن بها وعاش في كنفها وفيها أنين والم وطن يتشظىبسبب احتكام أبنائه للعنف والقتل كوسيلة في احداثالتغيير ..
لقد اندلعت ثورة 14 اكتوبر في العام 1963م كثورة شعبية تحررية حاملة قضية شعب و وطن يقودها شباب واعي مفعم بحب الوطن مدرك لمعاناة الشعب وعزاؤهم ان من سوف يخلفهم سوف يواصلون مسيرة الثورة كي تواكب تطلعاتهم و تحقق آمالهم واحلامهم في وطن حر مزدهر ولم تكن يوما مجرد حدث عابر في حياة شعبنا .. لقد جسدت لنا معان عظيمة في الشجاعة والتضحية و العزة والكرامة والصمود. لذلك فان الاستمرارية والتجديد في الثورة تصبح ملازمة لمعان اجمل في المجد والخلود والتقدير والعرفان والوفاء لقادتها التاريخيين.
ان ثورة 14 اكتوبر هي ثورة متجددة بدون الحاجة الى من يستغل الظروف الراهنة ويركب موجة المنتصرا والمجدد لها .. الواقع يشير بان كل من يعتقدون في ذلك انما يوأدون الثورة وتاريخها ويضحون بالوطن الى من لن يرحم الجميع بل سيجبرون على تنفيذ اجندتهم ولن يسمحوا لهم بغير ذلك .. ارجوكم لا تخذلوا ثورة 14 اكتوبر المجيدة ولا مأثرها و لا تخذلوا شهداء وجرحى حرب الثورة ومناضليها الاشاوس.