خمس كوارث في مبادرة أمريكا لوقف حرب اليمن

2018/11/03 الساعة 01:10 مساءً

محمد عبدالله القادري

المبادرة التي تحدث عنها وزير الدفاع الأمريكي مايتس لوقف حرب اليمن عبر حل سياسي بين الأطراف يتضمن منح الحوثي حكم ذاتي في المناطق التي يسيطر عليها وتقسيم بقية المناطق بين الحكومة الشرعية وعائلة الرئيس السابق وانتقالي الجنوب ، بالاضافة إلى تأمين الحدود و نزع الصواريخ الباليستية من الداخل وادخال رقابة دولية على الاسلحة واعطاء ضمانة دولية لدول الجوار السعودية والإمارات بعدم استهدافها .
هذه المبادرة هي أسوأ من الانقلاب وأسوأ من الحرب الدائرة ، وتحتوي على الكثير من الكوارث التي تحل على اليمن واليمنيين ، وسأتحدث هنا عن خمس كوارث منها .

الكارثة الأولى : تقسيم اليمن أكثر وتعميق الصراع أكبر .
اذا كانت اليمن اليوم مقسمة قسمين  بين الشرعية والانقلاب ، فإنها من خلال هذه المبادرة ستصبح مقسمة لثلاثة اقسام او اربعة  بين الحوثي وانتقالي الجنوب وعائلة صالح والشرعية .
الجنوب سيصبح مقسماً بين الانتقالي وجزء من الشرعية الذين ينتمون للجنوب ، ومع هذا سيظل الصراع في الجنوب قائم ومستمر كون الجنوب لن يستقر إلا اذا كان جزءاً من دولة موحدة او اتحادية تضم الشمال والجنوب.

 الكارثة الثانية : اعادة اليمن لما قبل الثورتين سبتمبر واكتوبر وما قبل الوحدة .
اعطاء ميليشات الحوثي حكم ذاتي معناه نسف ثورة 26 سبتمبر .
ادخال رقابة دولية للرقابة على الاسلحة هو مدخل لاحتلال غربي لليمن سيكون دائم ومستمر تحت ذريعة الرقابة ، وهو ما يعني عودة اليمن لما قبل ثورة 14 اكتوبر إلا انه في هذه المرة لن يكون احتلال لليمن لجنوب اليمن فقط ، بل سيكون احتلال لليمن بكله  الجنوبي والشمالي .
تقسيم اليمن بين حكم ذاتي للحوثي وانتقالي الجنوب وبقية الأطراف ، هو نسف للوحدة اليمنية وعودة اليمن مقسمة إلى أسوأ مما كانت عليه قبل عام 1990.

الكارثة الثالثة : نسف شرعية الدولة وجهود الدولة ومشروع الدولة المستقبلي.
هذه المبادرة ستنسف شرعية الدولة اليمنية المعترف بها أممياً ، وستنسف وتعيق الانتقال لمشروع الاتحادية المطلوبة عبر ستة اقاليم تنفيذا لمخرجات الحوار الوطني .
وستنسف كل جهود الدولة الشرعية في السياسة الخارجية والداخلية كون هذه المبادرة ستنسف القرارات الدولية وستلغيها.
فهذه المبادرة ستنسف المرجعيات الثلاث .
ستنسف المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن بشأن اليمن .
اي ان هذه  المبادرة ستكون انقلابية على مخرجات مؤتمر  الحوار وشرعية الدولة المعترف بها حالياً وعلى القرارات الدولية.

 الكارثة الرابعة : افشال التحالف العربي ونسف جهوده واعاقة اهدافه.
التحالف العربي الذي تقوده السعودية ، تدخل في اليمن من أجل اعادة الدولة بناءً على طلب من الدولة الشرعية منح ذلك التحالف شرعية التدخل.
استجابة التحالف لهذه المبادرة مقابل ضمانة دولية بعدم استهداف السعودية والإمارات ، معناه ان السعودية شنت الحرب في اليمن من اجل نفسها فقط وليس من اجل اليمنيين واستعادة دولتهم ووحدة وطنهم ، وهذا ما سيجعل اليمنيون الذين جعلتهم هذه الحرب والأحداث  يحملون مشاعر طيبة نحو السعودية تتمثل بالاعتراف بجميلها وضرورة وحدة الصف العربي لمحاربة المشاريع الفكرية الهدامة المستهدفة للمنطقة العربية برمتها ، ستجعلهم يحملون مشاعر سلبية مثخنة بالحقد والكراهية  لاشقائهم مما سيسهل اصطيادهم الفكري من قبل إيران وغيرها.
بل ان استجابة السعودية لمبادرة كهذه سيجعلها متعارضة مع طلب الدولة الشرعية وهو ما سيجعلها مرتكبة  لمخالفة قانونية كونها خالفت الطلب الذي منحها شرعية التدخل ولم تحقق الهدف الذي تدخلت من أجل تحقيقه  .
اعطاء ضمانة دولية للسعودية بعدم استهدافها من اليمن ، معناه خداع السعودية وجعل اليمن ورقة ضغط عليها من قبل بعض الاطراف الدولية ، كون تلك الأطراف  ستدعم ميليشيات الحوثي في حالة ما حدث خلاف مع المملكة او لتمرير طلب لابتزازها وتهديدها.

الكارثة الخامسة : تمكين ميليشيات الحوثي وتحقيق اهدافها ونفي كلما يعارضها 
منح الحوثي حكم ذاتي في اقليم ازال ، معناه نفي الكثير من اليمنيين من ابناء هذا الاقليم ، ونفي قوتين اخرى كان الأولى ان تتشارك مع الحوثي في الحكم الذاتي لهذا الاقليم لأن لها الحق كونها من ابناء هذا الاقليم ، القوتان هما عائلة صالح ومن معها من انصارها الكثير الذين  يتبعون حزب المؤتمر جناح صالح وقوة  بيت الاحمر القبلية التي تتبع حزب الاصلاح ، هاتان القوتان تتبع اقليم آزال الذي يحتويها ويحتوي القوة الثالثة ميليشيات الحوثي ، وهذا الاقليم هو راس الصراع في اليمن وكانت نهاية الحرب في اليمن بعد وصول الشرعية للعاصمة صنعاء  ستؤدي إلى صراع بين ثلاث قوى هي الحوثي واتباع صالح ومشيخ بيت الاحمر واذا اتحدت قوتان ضد الثالثة انتهت تلك القوة الثالثة ، ولأن الحوثي يضرب في حسابه ذلك الصراع فقد طلب من بعض الاطراف الدولية انقاذه في مبادرة كهذه تضمن تمكينه

في اقليم آزال وماحوله ونفي واستبعاد اي طرف يشكل تهديداً عليه.

من جانب آخر فإن منح الحوثي حكم ذاتي في اقليم ازال وما حوله ، معناه نجاح مشروع إيران في اليمن وجعل شمال اليمن كجنوب لبنان.