لا يختلف عاقلان أن المجلس الانتقالي مشروع مليشيا في طريقه ليكون ذراع المشغّل القوي في المنطقة تمام كالحوثي وحزب الله في لبنان أذرع إيران في المنطقة، فالانتقالي يسير على ذات الطريق، وربما تمتد خدماته لخارج اليمن كما هو الحال مع حزب الله.
ربما البعض يرى حديثي ضربا من الخيال أو هو من قبيل قراءة الكف وضرب الفنجان ونوعا من الشعوذة، فإذا كان كذلك، فبماذا نفسر تقوية المجلس الانتقالي عسكريا عبر حزامه الأمني ليكون الأقوى في المناطق المحررة، على حساب مكونات جنوبية كالمجلس الثوري الجنوبي والنخبتين الحضرمية والشبوانية، رغم أن الممول والداعم والمشرف واحد إلا أنهما - النخبة الحضرمية والنخبة الشبوانية- لا توازيان الحزام الأمني في التسليح والدعم، ولكن لماذا أشرف على تسليحهما وتدريبهما؟
وهناك مفارقة أخرى تزيد من قناعاتنا أن المجلس الانتقالي وحزامه الأمني يختلف في الإعداد والمقاصد والأهداف عن النخبة، وهي: أن الانتقالي لا يعترف بالدولة ولا بشرعية الرئيس عبد ربه، بل قام بانقلاب عسكري على الحكومة لولا تدخل المملكة في اللحظة الأخيرة، فهو بمثابة مسمار جحا لتمرير المشاريع والإملاءات.
وإلى هذه اللحظة والانتقالي ومليشياته ينحصرون في عدن وكلما اتجهت غربا وشمالا إلى الضالع ويافع، بينما يقل حضوره وينحصر كلما اتجهت شرقا باتجاه أبين وحتى المهرة، وهذا الانقسام بمثابة النار تحت الهشيم في ما إذا رفع التحالف يده عن اليمن، أو خرجت الأمور عن السيطرة من تلقاء نفسها أو بفعل فاعل، لن يقف الانتقالي مكتوف الأيدي ويكتفي بما تحت يده، بل سيتجه شرقا بحجة طرد قوات المنطقة العسكرية الأولى.
نعود لسؤالنا حول سبب تسليح النخبة الحضرمية والشبوانية وتدريبهما. لعلي أذكركم بجيش البادية الحضرمي الذي أنشأته بريطانيا ودربته وسلحته، وهي من أعطت الضوء الأخضر للقضاء عليه، وربما هي من أعدت سيناريو إنهائه وتصفيته -رغم تواطؤ بعض قادته مع الجبهة القومية- لتحقيق مصلحة أعظم من مصلحة إنشائه بداية، وغير بعيد أن يحدث للنخبة الحضرمية والشبوانية ذات الفعل إذا انتهى الغرض من إنشائهما، وتقتضي المصلحة الكبرى -للممول- إنهاء وجودهما لتحل محلهما مليشيا الانتقالي.
في هذا الوضع الذي يشتد فيه التسابق المحموم بين الشرعية وبعض أطراف التحالف للسيطرة على الأرض وكلٌ يحشد ويدعم ويعزز، ففي عدن قوات الرئاسة وقوات طارق والحزام الأمني، وفي حضرموت قوات النخبة وقوات المنطقة العسكرية الأولى، وأقصى الشرق تراقب عمان الوضع بحذر وصمت، كل هذا التزاحم يحبذ علينا أن لا نركن كثيرا لهذا الاستقرار الهش، فربما ينهار في أي لحظة لأنه مرهون بحسابات أكثرها بل كلها خارجية، وسينهار السد وتغمر مياهه الجميع، وعليه فإني أذكر بأمرين وأختم بهما:
الأول: أن الانتقالي والمليشيا التابعة له -الحزام الأمني- يسير وبسرعة في ترويض حضرموت، ولا أستبعد أن يتخذ موضع العدو السافر الذي يترقب اللحظة للانقضاض والسيطرة، فوجب التنبيه!
الثانية: وحتى لا نكون لقمة سائغة -في ما إذا انفلت الزمام- لابد من تحالف فوري يجمع كل من شبوة وحضرموت والمهرة وسقطرى لتشكيل جبهة شرقية قوية تفرض نفسها في أي مباحثات سياسية، وقوة عسكرية تخرص كل معتدي غاشم وذلك بدمج كل النخب الموجودة في نخبة واحدة تحت قيادة المنطقة العسكرية الثانية بقيادة اللواء البحسني، وزيادة أعداد المنطقة العسكرية من أبناء المناطق المكورة.