يخطر ببالي الآن صاحبي احمد حوذان وهو يلوي في الدائري وبيده علاقية كمران بداخلها قارورتين ماء وديو هي كل ضمار ابن القرية الذي قصد صنعاء فتحولت بكل وسعها إلى خرم ابرة في وجهه.. ضاقت به كما تضيق المدن بأبناء الريفيين الطيبين.
كنا اربعة طلاب .. جمعتنا شقة قرب الجامعة لسنوات.. ندرس في الصباح ونعمل بعد الظهر كما يعمل أبناء الطبقة المتوسطة من أجل الوصول إلى أحلامهم..الأحلام البسيطة التي تصارع الحظوظ العاثرة وتنهزم في النهاية على عكس أفلام الهوليود التي كنا نشاهدها معا والتي ينتصر الخير في نهايتها..الحياة لا تشبه أفلام هوليود يا صاحبي.
قبل أيام تحدثت انا وصديق مشترك عنك.. عن صنعاء التي ضاقت بأحلامك وانت الفتى القروي الذي كل طموحه ان يسند رأسه المثقل بالهموم لشريكة أحلامه وهمومه وان يقبّل خد طفلته قبل أن ينام..
تكلمنا عن علاقية الكمران التي لم تكن تفارقك.. وعن مجالس القات التي جمعتنا وعن جلساتنا المسائية حول مدرة الفاصوليا في جولة القادسية..وعن أحلامنا التي نسجناها معا.. وعن الشهر السابع الذي يمر عليك في سجن الأمن السياسي بصنعاء دون ذنب او جريمة..
هل يعذبونك في السجن؟ هذا مؤكد يا صاحبي.. يبحثون فيك عن شخص في مخيلتهم.. لست انت بالتأكيد.. الشاب الذي أبيض جزءا كثيرا من شعره قبل ان يصل الثلاثين..
المكافح الذي تنتظر والدته في كعيدنه مصروف الشهر كعادتها لتتفاجأ انك في سجن أبو هاشم..وان عليها ان تجمع لك مصروف يعينك على البقاء صامدا في زنزانتك الموحشة.
استرح يا صاحبي انت في سجن ونحن في سجنين ومن منفى الى منفى كما يقول البردوني.
ما زلت أتذكر شكاويك الأخيرة عن رفاق الخذلان وأتمنى ان تكون قويا شامخا.. من أجل طفلتك.. من أجل رفاقك القدامى..من أجل من يعرفون نبلك وبساطتك يا صاحب كعيدنة..
الله ينير زنازين المختطفين ظلما يا صاحبي ويعيدك لطفلتك في القريب !