فتحي بن لزرق
كثيرة هي الأشياء التي تدمي قلب الإنسان في اليمن .
مايحدث في هذه البلاد من عبث مؤلم ومحزن .
قبل يومين دعاني احد الاشخاص المهمين في عدن لزيارته في منزله وليتني لم اذهب.
عرض الرجل عدد من المراسلات وتوجيهات التصرف بأموال كبيرة من الوديعة السعودية الموجودة في البنك المركزي اليمني .
قبل عامين وضع السعوديون وديعة نقدية بالدولار في حساب البنك المركزي اليمني.
خصصت هذه الوديعة لتغطية نفقات الاستيراد للمواد الأساسية التي يقوم بها التجار من ارز -دواء - سكر – زيوت -قمح وخلافه .
وفق العملية التجارية هذه يقدم البنك المركزي اليمني الدولار بسعر صرف لايتجاوز 430 ريال يمني للتجار المقيدين لديه (ارتفع بعض الشيء مؤخرا ).
أي بما معناه ان التاجر وبدلا من ان يشتري الدولار ب650 ريال يشتريه 430 ريال فقط وبفارق سعر صرف وقدره 220 (أي قيمة دولار قبل الحرب).
الهدف من ذلك ان تظل المواد الاساسية بعيدة عن تأثيرات انهيار العملة والحرب وان تصل للمواطن بسعر معقول.
ما الذي يحدث لاحقا؟
وفق العملية المصرفية التالية يذهب التاجر لشراء المواد الأساسية من دقيق وسكر وارز وزيوت وأدوية من الخارج ويقوم باستيرادها وبيعها للسوق المحلية.
هنا تحدث الكارثة!.
التاجر الذي يقوم بالاستيراد وبعد إيصال البضاعة إلى المخازن يقوم بربط هذه المواد بسعر صرف السوق المحلية مع انه يجب الا يحدث ذلك بالمطلق لان الدولار الذي تحصل عليه بسعر مخفض.
يتعامل التاجر مع البضاعة وكأنه اشترى الدولار من السوق المحلية.
وبالتالي تنعدم أي فائدة حقيقية لعملية توفير الدولار للتجار.
عملية فساد مالية ضخمة قيمتها مئات الملايين من الدولارات شهريا يتشارك فيها مسئولون كبار في البنك المركزي والتجار ووزارة الصناعة على وجه التحديد.
الجهد السعودي هنا مشكور لكنه يضيع في ثنايا ماكنة الفساد اليمنية .
البنك يتسلم الوديعة ويقوم بصرفها كاعتمادات مالية للتجار والتاجر يستورد ويبيع دون أي رقابة من وزارة الصناعة وبسعر دولار السوق.
ثلاثي فساد يتقاسم ملايين الدولارات شهريا.
منذ أيام وزارة الصناعة تطارد مالكي الافران واغلقت عدد منها بحجة رفع السعر (5) ريال لقرص الروتي تخيلوا حجم المأساة السمجة.
وزارة تترك المليارات وتغض الطرف عنها وتطارد المساكين.
المؤلم في الأمر ان التاجر يرفع سماعة الهاتف
-الو الكريمي – الو العمقي .. كم سعر صرف الدولار ؟ وعلى ضوء ذلك يحدد السعر صعودا.
وزارة الصناعة جهة الاختصاص الاولى للأسف منشغلة بمطاردة بائعي الرغيف والروتي وتركت حيتان الفساد الضخمة التي تلتهم مئات الملايين من الدولارات شهريا دونما وجه حق .
عملية فساد بمئات ملايين الدولارات اقطابها البنك المركزي اليمني ووزارة الصناعة وتجار بعدد الاصابع في اليمن يتقاسمون الوديعة السعودية .
كل هذا يحدث لانه لايوجد جهاز رقابة ومحاسبة الدولة معطلة.
مؤلم ومحزن مايحدث وموجع بلد تتناهشه الحرب وظروفها وفوق ذلك لم يترك المجال حتى لرحمة الله وإحسان الآخرين ان يسير في طريقه الصحيح.
الاخ رئيس الجمهورية .
الاخ رئيس الوزراء نضع بين أياديكم هذه الواقعة لعل وعسى نرى منكم تحركا جادا حيالها.
والله المستعان على مايصفون
فتحي بن لزرق
4 فبراير 2020