ضاحي خلفان وعقدة النقص

2020/04/17 الساعة 10:51 مساءً

لن تستطيع أن تخفي عقدة النقص داخلك يا ضاحي خلفان ولو تمكنت من إعادة تزوير تأريخ العرب كله، لا يمكنك أن تغدو بشرًا سويّا يشعر بقيمته الذاتية دونما حاجة للسخرية من الأخرين، ستظلّ ذلك الكائن النكرة، في دارك وعند جيرانك، منبوذ يلعنه الجميع، يتبادل الناس أقواله على سبيل التندر، يعلقون على حديثه بالشتائم ويتأففون عن خوض النقاش الجاد معه. 

وحتى لو منحتك الأقدار حق إعادة تحديد الأصول والفروع في قبائل شبه الجزيرة العربية منذ ميلاد قحطان وعدنان حتى اللحظة، لما اكتسبت قيمة في قومك، ولا تركت خلفك مجدًا بعد موتك أو تخلصت من ضغينتك وأصبحت بشرًا سويّا في حياتك. 

لن تتعافَ من قلقك أيها الرجل المريض، قلق الأنساب وسؤال الهوية الأول.لن تتخلص من حقدك تجاه اليمن واليمنيين ولو ألقيت كل كتب التأريخ في بحر العرب و قتلت كل المؤرخين أو اشتريتهم بمالك المدنس، ثم أعدت صياغة الذاكرة بمزاجك العبثي والمراهق، لما تخلصت من أزمتك النفسية العميقة؛ ولا تمكنت من تجاوز عقدة النسب المجهول وشعورك المتكرر بالضآلة والغبن من التأريخ. 

أنا هنا لا أعيّرك بنسبك، ولا يهمني أن تكون  نطفتك نقية ومعروفة أو مجرد لقيط ظل طريقه نحو شبه الجزيرة العربية واستوطن فيها، لطالما آمنت بقدسية الإنسان ونبذت أي نقاش يتفاخر بالأنساب والأجداد.

لكن المشكلة معك لها طابع آخر، أنت مصدرها، وأتمنى لو أتمكن من مساعدتك في التخلص من هذا الإحساس الخفي بالدونية، دونية تتخذ شكل الاستعلاء الغبي، هذا هو الإحساس الذي يلازمك دومًا ويدفعك للتشكيك بأصول الأخرين، فلا يوجد تفسير لسلوكك هذا، سوى ما يتعلق باضطرابك الداخلي، عذابك المزمن، تلذدك باحتقار الناس لك، ثم محاولتك البائسة العبث بالتأريخ؛ كي تُعيد تعريف نفسك بنفي أصول الأخرين. 

لستَ بحاجة لهذا يا أبله الجزيرة، فهو سلوك يزيدك ضآلة، ويكشف كم أنك ضحل ومثير للسخرية.
لا يجتهد لتقزيم الأخرين سوى رجل مهزوز الثقة بنفسه، وحتى مع أن حاضر اليمنيين محطم وحالهم مآساوي إلا أن هذا لم يخفف شعورك بالغبن تجاههم، وما زلت ترى أن تأريخهم الطبيعي أكثر مجدًا من تأريخك وتود لو أن بوسعك التسلل للذاكرة ومحوها لتصادر مآثر أجدادهم ولا أظنك تهدأ، حتى لو حدثت معجزة كونية ومكنتك من ذلك. 

أنا هنا لا أدافع عن تأريخ شعب يقر به الجميع، ولا عن حقيقة ثابتة أن أجدادي كانوا بذرة العرب الأولى وأنك ولد عاق وأننا آباءك غصبًا عنك سواء أقررت بذلك أم أبيت. وهذه بالمناسبة ليست عصبية أو تفاخر بدائي؛ لكنها حقائق التأريخ التي يجب حراستها، حقائق ثابتة لا حاجة لنا بتأكيدها، وإن كان هناك من جدل في هوامش تفصيلية عليها فهذا ليس مكانه الآن، أنا فقط أحاول هنا فهم حالتك الشخصيّة المأزومة ومحنتك العصية عن التشريح في محاولتك الدائمة للتحرش باليمنيين وتأريخهم. 

لا يمكنك أن تشوّش تأريخ اليمن يا خلفان ولو محوت البلاد بكاملها من الخارطة ونصّبت نفسك مكان "تبّع اليماني" وصادرت نسبه وسيفه، فتأريخ السعيّدة مثل وشم أبدي محفور في ذاكرة العرب عدا ذاكرتك المشكوك في هويتها. كما لم يوجد مؤرخ معتبر حد علمي شكك بأن اليمنيين أصولا لكل أعراب الأرض، إلا إذا كان خلفان محسوب على المؤرخين فأنا سأعتذر للتأريخ والعروبة والهوية معا وأستقيل من الحياة تماما. 
وأما ما قاله خلفان عن شعب اليمن بالأمس، فهي لا تعدو كونها شخابيط سكران أتفه من أن تعلق في الذهن البشري ليوم واحد أو تؤثر فيه. 

أعلم أنك لستَ مؤرخًا متخصصًا في أنساب الشعوب، ولا مثقفًا يتوفر على قدر من المعرفة في تأريخ الأجيال، لو أنك كذلك لتمكنتَ من صياغة أفكارك بلغة تمنح الجدل معك قيمة معرفية ولو تبنّيت أكثر الروايات شذوذًا وأقلها رسوخًا، لكان هذا مقبولا.
لكن لغتك في الحديث تفصح عن وزنك الحقيقي في عالم المعرفة، ضئيل ومثير للشفقة، أشبه بمهرج فاقد للذاكرة، يقحم نفسه في مواضيع لا يعلم عنها شئيًا، ويعيد كتابة التأريخ بتغريدة في تويتر، وبتلك الخفة والوقاحة التي تكشف عن ذاتها في وجوه التلاميذ البلداء الواثقين من صحة أجوبتهم. 

أخيرًا يا ضاحي خلفان، تذكر جيدا أنه لو لم يهاجر جد اليمنيين قحطان إلى شمال الجزيرة العربية ويعلم أجدادك كلمات العرب الأولى، ويفتق لسانهم بلغة النبوّة؛ لكنت الآن تتحدث حروفًا أعجمية وربما تستأجر لغة من شبه الجزيرة الهندية، وليس في ذلك عيبًا ولا منقصة، لكن هذا تذكير لك؛ كي لا تذهب بعيدا في نزقك بالسخرية من تأريخ اليمنيين ونفي أصل العروبة عنهم. فلولاهم لما تعلّمت العربية ولربما كان هذا أفضل لضبع مثلك، ولما كان منسوب التفاهة الذي يتدفق علينا من شمال الجزيرة العربية طافحًا بهذه الصورة التي تفيض منك وتمثل أنت أبرز نماذج انحطاطها المعاصرة وأكثرهم شهرة ورداءة.

#اليمن_اصل_العرب