تقاتل الملكيون الجمهوريون سبع سنوات؛وحين رأت مصر والسعودية أنهما تغرقان،اتفق الرئيس عبدالناصر والملك فيصل على عقد قمة في الخرطوم؛ دون علم، أو حضور،أو الرجوع للأطراف المحلية المتقاتلة على الأرض،بادر الرئيس ناصر الملك فيصل بالقول: لقد أصبحت اليمن صداعًا مزمنًا لي ولك،وهمًا يؤرقني ويؤرقك،فحربها تُسعَّر بأجساد رجالي،وأكوام أموالك ...أذابت كلمات الرئيس جليد التحدي،وأناخت كبرياء الملك،ليبادر الأخير مقترحًا تنحية الخيار العسكري جانبًا،والعمل على إيجاد حلًا سياسيًا،فاتفق الزعيمان على خروج أسرة آل حميد الدين من اليمن،على أن يذوب بقية أفراد الأسر الهاشمية الأخرى في مفاصل الدولة،وتحديدًا في سلك القضاء... اتفق الزعيمان،وقررا الحل دون علم المتقاتلين على الأرض،وبموجبه عممت الدولتان بنود اتفاقيتهما على الأطراف المحلية المتقاتلة،واصدر كل طرف لأتباعه أمر تنفيذ ما اتفقا عليه؛ دون علم المتقاتلين على الأرض،أو حتى
مشورتهم .
واليوم بعد عام من جولات الصراع والمفاوضات التي لم تفض إلى حسم،أو وفاق،استطاعت الأطراف الإقليمية أن تسلق حلًا في ليلةواحدة،دون علم،أو مشورة المتقاتلين على الأرض .
بعد أن أصبحت القوى الإقليمية تعد أيام ديسمبر كما تُعدُّ أيام شعبان،وتترقب يوم عشرين يناير كما تترقب هلال رمضان،وجدت نفسها مضطره لسلق اتفاقًا مستعجلًا،ستكون عيوبه أشبه بعيوب حلاقة ليلة العيد التي لا تُرى إلا إذا أشرقت شمس نهاره .
وهذا يعني أن الاتفاق أوجد ليكون استراحة تلتقط فيها الأطراف الإقليمية أنفاسها، في انتظار ما سيقرره المجتمع الدولي بعد عشرين يناير القادم من حلول للأزمة اليمنية برمتها،ستنال القوى الإقليمية شرف تعميمها،وعلى القوى المحلية - شمالًا وجنوبًا - واجب تنفيذها .
سعيد النخعي
11/ديسمبر/2020م