ما لم تأت به العاصفة لن تسوقه هزات النسيم،وما عجزت عنه الست العجاف،لن تبلغه في أسبوع .
في ركب الأطماع الخارجية،والأوهام المحلية التي يتنازعها الغباء والولاء،وبين غباء العقول،وولاء البطون مساحة شاسعة أصبحت مرتعًا خصبًا لتكاثر الأوهام، وتناسل الأطماع التي تسوقها عساقيل السراب، كلما لفحت أشعة الشمس المحرقة ضاحي أكام اليمن في أيام حدادها،أو جبين صحاريها الملتحفة بجلباب الحزن الذي تزينه أدوات الصراع المحترقة،وبقايا قطع العتاد المدمرة التي خلفتها حروب كل الأغبياء الذين مروا من هنا،ولم يتركوا خلفهم سِوَى بقايا أحقادهم،وسود ضغائنهم،تروي للأجيال قصة غباء الإنسان في هذه البلد الذي أمضي ماضيه جائعًا يترقب مواسم الصراع ليبحث بين أنقاضها عما يسد به جوعه، ويقضي حاضره خائفًا ينقب عن موارد الاستبداد،والتبعية بدلًا من بذلهما في إماطة اللثام عن وجه مأساته لعله يتعرف على أساب تخلفه،أو يهتدي لعوامل نهوضه .
أوقف حادي العير سير القافلة، ليغيير كلمات حدائه التي يحدو بها لتمضي العير على صدى أنغامها، يستمد ألفاظه من نفس القاموس الذي يستخرج منه كلمات الحداء في كل مرة،ويستلهم معانيها من ذات الأفكار المتخشبة،مستوحيًا صورها من أفق ضيق لايتجاوز مداه مابين فمه ومعدته،فيعيد إنتاج ذات اللحن الذي تردّده ذات الأصوات المبحُوحة المتكسرة، كتكسر قطع الفحم في مُوقد الخطيئة التي طالما ألفها سمع المكان الذي يقلها،ولم يعيها عقل الزمان الذي ساقها إليه ،فيضطر الإنسان الذي أقله مكانها،وأظله زمانها إلى جلب ترجمان من الخارج،كلما عجز عن إيجاد لغة مشتركة مع الآخر، فتقوده إلى نفس الخطيئة التي اقترفها جده الأكبر حين جلب المجرمين، واللصوص، وشذاذ الآفاق الذين جادت بهم سجون كسرى،فعاد بجراب مليئًا بالأفاعي السامة،والبذور الخبيثة التي عيي الزمان عن إيجاد رقية لسمومها،وعجز المكان عن وئد بذورها،أو الحد من تكاثرها .
سعيد النخعي
22/ديسمبر/2020م
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=921842661681372&id=100015669408519