هل الصراع من اجل الدولة ام من اجل المصالح؟

2021/01/30 الساعة 11:44 مساءً

ماذا لو كانت لدينا أحزاب قوية ولديها برامج.. هل سنرى حكومة ضعيفة ودولة عاجزة؟ الدولة منظومة متكاملة فيها أحزاب وحكومات ورئاسة وشعب ومنظمات مدنية والقيادة الناجحة هي التي تمتلك رؤية ومشروعاً يوظف جهود كل هذه الأطراف لصالح الدولة ونجاحها في القيام بوظائفها المعروفة.

الأحزاب هي أدوات إدارة الدولة وإذا كانت ضعيفة لا تمتلك مشروعات وطنية ومدنية فلن تكون هناك دولة قوية ووطنية ومدنية بل ستكون هناك دولة فاشلة ورخوة غير قادرة على القيام بدورها تجاه شعبها ونفسها فما يعتمل داخل الأحزاب ينعكس بالضرورة على سلوك الحكومات والدول.

إن الذين يصارعون من أجل مصالحهم الشخصية والخاصة لن يستطيعوا بناء دولة سواءً أكانوا أحزاباً أو أفراداً أو منظمات أو حكومات على عكس الذين يناضلون من أجل المصالح العامة، فهم بالضرورة يوظفون نضالهم من أجل الدولة التي تسعى لتحقيق المصالح العامة للمجتمعات والشعوب.

أستطيع القول إن المرة الوحيدة التي أحسسنا فيها أن هناك تضحيات ونضالاً حقيقياً من اجل المصالح العامة هو يوم خروج الناس الي الشوارع مطالبين بالتغيير بصورة عفوية تلك الحشود كانت معبرة عن تطلعات الشعوب قبل أن يتم الانقلاب عليها وخطف تضحياتها من قبل أحزاب ودول شعرت بالرعب والخوف من التغيير، ولم تكن عند مستوى اللحظة للتعاطي معه.

وبعد مرور عقد ونيف من ظهور ذلك المشهد الشعبي والجماهيري في دول الربيع اجدني أحيي اولئك الشجعان على تضحياتهم ونترحم على الشهداء الذين سفكت دماؤهم من أجل هدف واحد بريء وواضح وهو التغيير وبناء الدولة الوطنية المدنية.

إن الصراع من أجل المصالح الشخصية والحزبية والفئوية يقود دائماً إلى الخراب والدمار ولا ينتج في الواقع شيئاً مفيداً للناس والدول ويعيق حركة التطور، بينما يكون الصراع من أجل الدول والمصالح العامة ذا أفق وينتج شروط التحول ويحقق الانتصارات، وإن تاخرت. وهناك تجارب لشعوب وأحزاب من حولنا وفي العالم صارعت من أجل التغيير والبناء ونجحت وعلينا أن نتعلم منها ونستلهم تجاربها.

لقد قدم الشباب تضحيات كبيرة في بلدنا من أجل التغيير بمختلف انتماءاتهم الحزبية والسياسية والفكرية والمستقلين وبعد مرور عشر سنوات من ثورتهم الباسلة فنحن في أمس الحاجة لتقييم هذه التجربة ودراستها بكل أبعادها بعيداً عن انتهازية النخب وأخطائها وممارسات دول الثورات االمضادة التي أحالت التغيير إلى أزمة وخلقت حوله المخاوف والشكوك والحروب لإحباط الناس وصرفهم عنه.

إن الذين خرجوا من أجل تحقيق المصالح العامة لا يمكن أن يكونوا دعاة حرب ولا يمكن أن يعيقوا التغيير كما يحدث اليوم، لذا نوجه الدعوة للأحزاب بمراجعة أهدافها والوقوف على تضحيات الجماهير بصدق سواء في الثورة أو المقاومة، لعلها تستلهم الدروس والعبر التي تمكنها من تغيير حركة نضالها وعملها باتجاه تحقيق المصالح العامة للناس، وقد توفرت لها الفرصة المحمولة على أكتاف هؤلاء الجماهير لتكون في السلطة ومشاركة في حكم البلد وإدارة شئونه فالثابت أنه إذا لم تكن هناك أحزاب وطنية وقوية لديها برامج ومشاريع فلن تكون هناك حكومة قوية وناجحة ولن تكون هناك دولة قوية قادرة على استعادة مؤسساتها وأراضيها والإنتصار على من انقلب عليها.

إنها لحظة تاريخية تصارع فيها الناس من أجل الدولة.. من أجل الأمن والإستقرار والتنمية والتطور والسلام والحرية والكرامة والعدالة فلماذا لا تكون الأحزاب والمكونات السياسية معهم وتعبيرا عن تطلعاتهم .. متى نتخلى عن الحسابات الضيقة والمصالح الذاتية والصراع العقيم من أجل المناصب ونقف إلى جانب الشعب وفق رؤية موحدة ومشروع واحد لإخراج البلد مما هو فيه وإنقاذه من الاحتراب والفوضى والخراب.

إن حكومة الشراكة لم تات إلا بنضالات اليمنيين المتراكمة فلا تجعلوها مطية لصراعاتكم وقدموا لها البرامج والمشاريع لتنجح في مهمتها الصعبة لتحقيق المصالح العامة للشعب والمحافظة على الدولة من الفشل والزوال.

تصارعوا، تخاصموا، ولكن من أجل تحقيق المصالح العامة ومن أجل الدولة والبناء والتحرير من أجل المشاريع والبرامج وليس من أجل أي شي آخر مضر وغير مفيد.