هناك تشابه بين هاتين المحافظين لدرجة التطابق،من حيث المكانة التاريخية،والتركيبة الاجتماعية،والأهمية الاقتصادية من جهة،ومن حيث التهميش،والتشوية الذي لازم هاتين البلدتين لأكثر من ثلاثة عقود من جهة أخرى.
فهاتان البلدتان من أهم حواضن التاريخ اليمني،من حيث القدم،والأصالة،بل هما التاريخ نفسه،وما عداهما ليست إلا مباحث من فصول تاريخ البلدتين، الذي يعدُّ عمدة التاريخ اليمني برمته.
لم يستطيع التهميش السياسي المتعمد أن يسلبهما شيئًا إبتداءً من اسميهما،وأنتهاءً بأصالتهما، ومكانتهما التاريخية،والاجتماعية،والاقتصادية رغم الإجحاف والتهميش الذي طالهما طوال فترة حكم صالح الذي اعتمد في إدارتهما على سياسية التجهيل،والتهميش، وإذكاء الصراعات القبلية،وتسعير حروب الثأرات بين القبائل؛ ليحافظ على الصورة النمطية الخاطئة التي رسمها للمحافظتين في الداخل والخارج؛ كحاضنتين للإرهاب،ومعقلين للعصابات الخارجة عن النظام والقانون،تمتهن قبائلهما قطع الطريق،وأعمال الحرابة، وإيواء الجماعات الإرهابية،ليشغل الناس بما يدور على ظاهر الأرض،ليتفرغ لنهب مافي باطنها.
فشبوة ومأرب اللتان يوجد فيهما أكبر مخزون للنفط والغاز ،ظلت محرومة من أي نهضة تعليمية،أو صحية،أو عمرانية،بل حتى حضور فعلي للدولة التي كان حضورها مقتصرًا على حماية حقول النفط والغاز،وتأمين طرق نقله، وتصديره،فيأخذ ريعها،ويرسل لأهل الأرض مخلفات السموم عبر سحب الدخان المنبعثة من حقول استخراجه .
لم تدرك المحافظتان الغنيتان بشاعة التهميش،والحرمان،وفداحة الاستغلال والاستجهال إلا حين أرخى الزمان قبضة الاستبداد،والتسلط،لتتساوى المنازل بين الجلاد والضحية، بعد أن أصبح الجميع في مهب الريح !
فلو قارنت الإنجازات التي تحققت في شبوة ومأرب خلال ست سنوات مع ثلاثين سنة من حكم صالح سنجد البون شاسعًا؛ رغم فارق الظروف بين المرحلتين،إلا أن شبوة ومأرب قدمتا خلال هذه الفترة الصعبة أنموذجًا محترمًا عجز الثورجيون شمالًا وجنوبًا عن مجاراته في المحافظات التي يسيطرون عليها .
فاستطاع العرادة، وبن عديو تقديم تجربة ناضجة،انتقلت خلالها المحافظتين نقله نوعية في زمن قياسي،ومرحلة صعبة،في حين اكتفى خصومهما بانتظار سقوط عتق ومأرب ،و تصنيف حكامهما بالإخون والدواعش،فانعم به من دعوشة،وأكرم بها من أخوانة،إذا كانت بهذه الحكمة،والسمو .
#سعيد_النخعي
11/فبراير/2021م