التمرد الأخير للانتقالي على " الشرعية " و " اتفاقية الرياض "

2021/05/31 الساعة 01:27 صباحاً

على ما يبدوا أن "اتفاقية الرياض" أصبحت ضرباً من ضروب الماضي. ولم يعد هنالك متسع للحديث عن تقييمها أو إعادة تعديل مسارها. لما لا وهي في الأصل ولدت ميته. فالانتقالي يراها بمثابة فخ نصب له في الوقت الذي كان يريد فرض نفسه على الشرعية وتثبيت هيمنته أكثر على أرض الواقع. فقد كان يظن عيدروس ومن يقف خلفه أنهم سيشرعنوا وجودهم من خلال الانخراط ضمن عمل الحكومة المعترف بها دولياً. ولكنهم فوجئوا بكم الالتزامات والمسؤوليات الملقاة على عاتقهم. والتي لم يستطيعوا تنفيذ أي منجز يذكر منها، أو تقديم أي خدمة للمواطنين في المناطق التي يسيطرون عليها، وخاصة في مدينة عدن.

أحست الإمارات بالتحركات الدبلوماسية المحلية والدولية الأخيرة التي تتعلق بإنهاء الأزمة اليمنية، خصوصاً تلك التي تنشط في العاصمة العمانية مسقط، فسارعوا بتحريك أدواتهم في داخل اليمن، لإعادة تموضعهم من جديد واستعداداً للدخول في أي مفاوضات قادمة. ولأن الإمارات تدرك أن الدخول في أي مفاوضات سلام قادمة لحل الآزمة في اليمن، لن يكون لحليفهم أو أدواتهم في الداخل تمثيل قوي، طالما وأن الجغرافيا التي يسيطرون عليها من خلال المليشيات التابعة لهم في الجنوب محدودة جداً. فإلى جانب جزيرة سقطرى وميون، يسيطر المجلس الانتقالي على مدينة عدن وبعض ما حولها من الأراضي والمساحات الجغرافيا غرباً وجنوباً. بينما تظل أغلب المناطق الجنوبية بيد الحكومة الشرعية والقوات التابعة لها. ابتداءً من بعض مناطق ومديريات أبين مروراً بشبوة وحضرموت حتى المهرة.

وهذا بدوره تعتبره الإمارات وحليفها الانتقالي سيؤثر على موقفهما أثناء المفاوضات وحتى مرحلة ما بعد المفاوضات. لأن القوى الأخرى المنافسة لهما داخل اليمن، كالشرعية والحوثيين، يمتلكون مناطق جغرافيا تحوي مساحة جغرافية وكتل سكانية ضخمة لا تقارن أبداً بما بيد الانتقالي، بالإضافة إلى أن الجغرافيا التي حددها الانتقالي زاعماً دخولها ضمن الحدود المستهدفة لإنشاء دولته المزعومة ناقصة وغير مكتملة، فقد كان يطمح الاستيلاء على المنطقة ما بين عدن والمهرة.

لذلك فإن خيار التصعيد بالنسبة للإمارات والانتقالي أقرب خيار ممكن تنفيذه حالياً لاستكمال أهدافهم الإستراتيجية، خاصة مع انشغال الجيش اليمني والذي يعتبر حاجز صد أمام مليشيات الانتقالي للاستيلاء على الرقعة الجغرافية الجنوبية، مشغول بمواجهة الحوثيين في مأرب وغيرها من الجبهات في الشمال.

جاء تعيين شايع قائداً لما يسميه المجلس "مكافحة الإرهاب"، وذلك ليدعم فكرة استئناف التصعيد العسكري في الجنوب ضد الجيش الوطني. وقد بدأت بوادر وأثار هذا القرار تظهر من خلال تحركات شايع وجهازه والمليشيات التي يعمل ضمنها بعمليات اعتقالات واختطافات لشخصيات اجتماعية محسوبة على منطقة شبوة. على ما يبدو أن الأيام القادمة ستشهد منطقة جنوب اليمن نزاعات مسلحة واسعة بين مليشيا الانتقالي والجيش اليمني " الشرعية". وقد ربما يعاد مسلسل الاغتيالات في الجنوب من جديد، ضد شخصيات سياسية وعسكرية وأمنية وقبيلة ودينية موالية للشرعية.

ومن المحتمل أيضاً أن يكون موقف السعودية مساند أو على الأقل ومتماهي أكثر من ذي قبل مع هذه التحركات. فالمسألة بالنسبة للإمارات مصيرية، وهذا ما لا تستطيع السعودية الوقوف أمامه أو عرقلته. فمهما بدت العلاقات متوترة بين السعودية والإمارات، إلا أنهما لن يختلفان على مساندة بعضهما البعض لتحقيق مصالحهما الشخصية والمشتركة. واللتان تتجسدان في تقسيم الدولة والأرض اليمنية أولاً، وثانياً إحداث اختراق سياسي وعسكري واقتصادي وثقافي في جسد الدولة والمجتمع اليمني مستقبلاً.