عادل الشجاع
لا يمكن بأي حال من الأحوال وتحت أي ظرف من الظروف إعفاء الشرعية من مسؤوليتها ، كونها السلطة المباشرة المسؤولة أمام الناس ، ولاينفع هنا التبرير بأنها لم تتمكن من الحكم وأنها تتعرض لمؤامرات داخلية وخارجية ، للأسف نقولها بكل أسى إن الشرعية تحولت إلى أداة لخدمة التحالف ، بدلا من العكس ، إلى حد وصلت الأمور إلى معادلة السكوت مقابل لاشيء .
يعرف الجميع أن الشرعية تعاني من الإقامة الجبرية من قبل السعودية وبرضى الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والأمم المتحدة ، وبأنها باتت غير قادرة على مغادرة المملكة ، لكن ذلك لا يمنعها من إدانة حرف مسار المعركة وتحويلها إلى معركة ضد شرعية اليمنيين ومناصرة المليشيات الانقلابية ، إن صمت القائمين على الشرعية وعلى ما يجري من تصفية للنظام الجمهوري والوحدة اليمنية عار وقبح كبير .
إن تقدم الحوثي باتجاه شبوة ، يجعلنا نتذكر تدخل السعودية وطلب مهلة ٣ أشهر لخروج القوات الإماراتية من منشأة بلحاف الغازية ويكشف عن الاستراتيجية التي تنتهجها المملكة والهادفة إلى تقسيم اليمن ، فالقوات الإماراتية ماكان لها أن تتواجد داخل منشأة اقتصادية تمد اليمنيين بحبل الحياة ، بل كان يفترض أن تكون في جبهات المواجهة مع الحوثي التي زعمت ومعها السعودية أنهما جاءتا لمواجهة التمدد الإيراني في اليمن ، لكن ماتقوم به المملكة والإمارات يأتي وفق المقاس الإيراني .
فتحالف السعودية والإمارات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لم يكن منذ بداية الحرب إلا سندا وعونا للمليشيات وطرفا عدوا للشرعية ، فقد تفرد التحالف بالقرار ومعه أمريكا وبريطانيا ولم يتركوا خيارا للشرعية في إدارة القرار اليمني ، حتى على المستوى الاقتصادي لم تقدم السعودية والإمارات للشرعية دعما ماليا ، بل تحكمت في السياسات التمويلية ، فقد سعى هذا التحالف إلى إلغاء دور مؤسسات الشرعية ، فلا حكومة ولا برلمان .
لن يتغير موقف هذا التحالف إيجابيا إلا إذا تغير موقف الشرعية أو إذا تشكل تيارا وطنيا ينجز ملف المصالحة الوطنية ويجلب الدعم العربي والدولي لليمن باعتبار اليمن منطقة مركزية في مواجهة المشروع الإيراني الذي يتكامل مع المشروع الصهيوني لمحاصرة الوطن العربي وتمزيقه .
والحديث عن الدور التخريبي للسعودية والإمارات لا يعفي القوى السياسية اليمنية من الانقسام الذي لم يبدأ في 2014 , بل كان موجودا في 2006 , وتعزز في 2011 , حينما تراجعت الأحزاب والقوى السياسية عن دورها الوطني في حماية الديمقراطية والتعددية السياسية ومراكمة الخبرة الوطنية ، فقد تفرغت هذه الأحزاب إلى إعاقة المشروع الديمقراطي ، وأتاحت الفرصة للمشروع الإمامي المسنود من إيران أن يملأ الفراغ الذي تركته هذه الأحزاب ، وما كان من التحالف إلا أن يتدخل ويجر اليمنيين إلى اشتباكات عسكرية ، ساعدت الحوثيين على التمدد والتوسع .
ما يجري في شبوة هو فصل جديد من مؤامرة التحالف الذي يعبر عن الاستراتيجية السعودية الإماراتية لإدامة الانقسام ، وتمهيدا للانفصال ، تتكشف اليوم مرة أخرى فصول جديدة لمؤامرة التحالف التي تهدد وحدة اليمن ، الأمر الذي لن يقبل به الشعب اليمني ، فلم يعد هناك وطنيا يمنيا لا يرى حقيقة المؤامرة الدائرة منذ سنوات ووصلت إلى لحظة الخطر ، وهاهو الحوثي والانتقالي يتكاملان في شبوة بصورة واضحة تستكمل غباء السعودية والإمارات اللتان تسقطان اليمن لصالح المشروع الإيراني وبنفس الآلية التي أسقطت بها العراق .
وتأسيسا على ما سبق فإنني أدعو الصف الجمهوري إلى توحيد صفوفه وخياره خلف مقاومة واحدة ضد الحوثي ويطالب برحيل السعودية والإمارات ، يجب أن يسعى اليمنيون بكل ما يملكون لإفشال مخططات الإمامة والاستعمار ، لذلك يجب على الصف الجمهوري في هذه المرحلة أن يعي أن الانقسام والتشرذم يصب في مصلحة الإمامة والاستعمار وأصبح خروج الكتلة الوطنية لإنقاذ اليمن إلى النور ضرورة مقدسة .