احمد عبدالملك المقرمي
كما تعجز أجهزة الرصد الزلزالي عن التنبؤ بوقوع الزلزال قبل حدوثه، عجزت الاستخبارات الدولية عن التنبؤ بثورة الربيع العربي!
ومكراً و خداعاً؛ أظهرت عواصم الاستخبارات تلك مجاراة للربيع العربي، و لكنها مجاراة المتربص اللئيم و المخاتل الغادر الذي ينصب الشراك، ويضع الفِخاخ .
ثم سرعان ما رمت تلك العواصم بثقلها، و جندت أدواتها في المنطقة إلى حد الاستنفار؛ للتآمر هنا و هناك، و بهذا الشعب و ذاك !
و تعامل أعداء ثورة الربيع العربي مع كل قطر بصور مختلفة، و كان التعامل مع الربيع اليمني بالصورة الأبشع، و الطريقة الأسوأ، و صولا إلى همجية مكشوفة .
فقد برز التواطؤ بأقبح صوره، و بسلسلة من وقائع الغدر المتعاقبة بدءا بعمران، ثم صنعاء، و ظلت طريقة الغدر هي الأسلوب المتبع حتى اليوم .
و حتى مؤتمر الحوار الوطني؛ تم الانقلاب على مخرجاته، و الغدر بنتائجه، التي مثلت خارطة طريق لليمن، و خروج إلى بر الأمان، لكن استتباب السلام، و أن تتجاوز اليمن محنتها بطريقة توافقية؛ أمر لا تحبذه المخططات المشبوهة، و لا القوى المتربصة، و لا تقبله الاستخبارات الدولية، و الأغرب أن ما كان يسمى الدول الراعية غابت غيبة البوم عند طلوع النهار ..!!
إذن كانت راعية ماذا !؟ كأني بجل القراء - إن لم يكونوا جميعا - يقولون : رعاية الكهنوت الحوثي!
مسلسل الغدر هذا ليست فيه عصابة الحوثي إلا أداة بيد قوى الغدر و التربص، و المشروع الإيراني.
مغفل أو غبي من يظن إن الشعب اليمني يواجه عصابة الحوثي وحدها، أو يواجه معها إيران فحسب . كلا و ألف كلا ! إنه يواجه حربا شرسة و غير أخلاقية في جبهات عديدة.
سيكتب التاريخ : إن شعبا فقيرا؛ إلا من مبادئه و قيمه، و عزته و إبائه، صمد صمودا أسطوريا - و مايزال - منذ عشر سنوات، رغم الظروف الأسوأ التي أحاطت به، من كل جانب؛ عسكرية، و اقتصادية، و مؤامرات خارجية غادرة،
ليس بريئا منها المجتمع الدولي .
و مع كل تلك النكبات و المؤامرات و تعدد الجبهات ظل الشعب اليمني شامخا كالطود، ثابتا كالإيمان !
الشعب اليمني، حارب في جبهات القتال، و خلفه موانئ مغلقة ومطارات مشلولة ، لا يستطيع الحصول من خلالها على استيراد شيئ من مستلزماته العسكرية، فبينا هو في خطوط النار، فإن خطوط امداداته مغلقة دونه، و الأنكى من ذلك أن عصابة الحوثي تحصل على متطلبات الدمار بسهولة ، سواء الصواريخ البالستية أو الطائرات المسيرة، أو مختلف الذخائر .
الشعب اليمني يكافح في جبهة استرداد موارده، التي يُحرم منها عمدا، فيحال بينه و بين الإفادة منها، فينعكس ذلك بآثار معيشية سيئة على حياة أبناء الشعب.
الشعب اليمني يناضل في جبهة قيمة الريال ، التي تدار بفعل فاعل، و (يخشى) أن تكون بنيران صديقة، وفي كل تهدف القوى المتربصة جميعها في أن تصل لتركيع الشعب اليمني للمخططات المشبوهة .
وغارق في الغفلة و السذاجة معا من يظن أن هذا المخطط سيقف عند التربص باليمن فقط.
الشعب اليمني يواجه في جبهة الإعلام ، تلك الجبهة التي تُسخَّر - من قبل مموليها - لتشويه مؤسسات الشعب اليمني، و فئاته الشعبية؛ لخدمة جماعة الحوثي الإيرانية بسبب الفزع من توهم عدو محتمل؛ لتنبطح في المقابل أمام عدو قائم، و عداوة ماثلة، و ثمة نيران إعلامية أخرى تخرجها عن الموضوعية؛ النكاية أحيانا، و التقرب من طرف نافذ أحيانا أخرى ، فيدفع الشعب اليمني الثمن .
و جبهة أخرى، هي جبهة منصب المبعوث الأممي الذي يضع مهامه جانبا ؛ و يمضي يبحث عن متاهات، للإلهاء، أو لدعم مليشيا الحوثي بالتستر على جرائمها.
على الشعب اليمني الأبي أن يدرك مدى الكيد و التآمر الذي يواجهه، و عليه في المقابل أن يستنفر كل طاقاته و جهوده، إذ ليس أمامه من خيار إلا خيار الدفاع عن نفسه، و عن حاضره ، و مستقبله ، و سيتعزز هذا الدفاع الأبي بوحدة الصف والهدف لكافة قوى الصف الجمهوري، و ستتكسر كل تلك المخططات و المؤامرات، و ما انقادت الآمال إلا لصابر، وعليه ان يحافظ على التضحيات التي قدمها، وأن يبذل المزيد في سبيل تحقيق أهدافه الكبيرة.