الطفلة ليان التي لم تكمل الثلاثة أعوام خرجت مع والدها وهي تحلم بقطعة حلوى, لكن صواريخ الموت الحاقدة التي ارسلتها مليشيا الحوثي الى محافظة مارب كانت اسرع الى جسدها النحيل لتحوله الي قطعة متفحمة, تلك الصورة التي شاهدها العالم اجمع أظهرت مدى الحقد والسلوك الاجرامي الدموي التي تنتهجه جماعة الحوثي ضد ابناء اليمن خاصة الاطفال.
احترقت الطفلة ليان, وهي تحتضن والدها تحاول الاحتماء به كملاذ آمن, ولم تعلم الطفلة البريئة ان وحشية واجرام الحوثي المتعمدة واستهدافه بالصواريخ على محطة الوقود لالحاق الاذى والقتل باكبر قدر من البشر اطفالاَ وكباراً رجالاَ ونساءَ لا يعنيهم الامر سوى التلذذ بمشاهد القتل والدماء والمجازر البشعة, لكن حضن والدك صغيرتي الذي جمعك به قبر واحد, كشف زيف ونفاق العالم الذي يرفع شعارات براقة كاذبة تدّعي حماية الطفل.
لم تتوقف جرائم الحوثي قبل وبعد ليان, فمشاهد الموت واستهداف الابرياء والاطفال والتجمعات السكانية ومخيمات النازحين ماتزال مستمرة, ودماء الاطفال تسفك مع كل هجوم عشوائي تنفذه جماعة الحوثي لتلحق القتل والاصابات والاعاقات الدائمة بالاطفال في مشاهد مفزعة يندى لها جبين البشرية.
في اليوم العالمي للطفل, الذي يصادف العشرين من نوفمبر من كل عام, نجدها مناسبة لنتذكر جميعا ولتذكير المجتمع الدولي بجرائم الحوثي ضد الطفولة وهو يغض الطرف عند كل جريمة وقتل ضد اطفال اليمن, وهو ذاته الذي ينادي ليل نهار عبر منظماته الدولية والاممية باهمية حماية الطفولة, وتجاهل ما يتعرض له الاطفال في اليمن من صنوف الانتهاكات من قتل واختطافات وتجنيد واستخدامهم في زراعة الالغام وتهجير قسري واستهداف بالصواريخ والاسلحة الثقيلة.
لم تكن تلك الصواريخ والطائرات المفخخة التي احرقت الطفلة ليان سوى واحدة من آلاف الوقائع والاحداث وعمليات القتل التي مارستها جماعة الحوثي ضد الطفولة في اليمن, فسجّل مليشيات الحوثي الأسود يزخر بمئات الاحداث والشواهد ضد اطفال اليمن.
يحتفل العالم باليوم العالمي للطفل لضمان رفاهيته وحقه في اللعب وحرية الرأي فيما اطفال اليمن تحرقهم وتقتلهم قذائف الحوثي وآخرين في معسكرات التدريب وجبهات القتال يواجهون الموت لاشباع رغبة مليشيات ارهابية ترفض السلام والدولة المدنية والديمقراطية وتعتقد تفوقها العرقي والتمييز العنصري واحقيتها في الحكم.
اضافة الى امام آلة الموت الحوثية, هناك معاناة ومآسي يعيشيها اطفال اليمن تتمثل في احتياجاتهم الاساسية, وانخراطهم في سوق العمل, ووقوفهم في طوابير عن اسطوانات الغاز وشاحنات الماء, وتسربهم من مقاعد الدراسة حيث تشير الاحصائيات التي رصدتها منظمات دولية الى تسرب 2 مليون طالب من مقاعد التعليم.
يعيش آلاف الاطفال هذه الليالي الشتوية الباردة في مخيمات النزوح في محافظات مارب والحديدة وتعز وحجة والجوف ومحافظات اخرى , بعد تهجيرهم مع أسرهم قسرياً ونزوحهم بحثاً عن الامن والاستقرار, وسط غياب شبه كامل المنظمات الاغاثية, واحتياجات اساسية وطارئة للرعاية الصحية والخدمات التعليمية للاطفال.
يبدو تعامل المجتمع الدولي والوكالات الحقوقية ومنظمات الطفولة مع جرائم الحوثي ضد الاطفال بنوع من الرخاوة والتماهي امراً يثير الاستغراب والدهشة, بل وصل الأمر الى مرحلة الدعم المباشر, ويتمثل ذلك - على سبيل المثال لا الحصر- في طباعة مناهج الحوثي المحرفة والتي تجرف الهوية اليمنية, وتعمل على طمس التاريخ الوطني وتدعو الى العنف والقتل وتمزيق النسيج الاجتماعي, وهو امر يتناقض كلياً مع دعوات السلام وحماية الطفولة, ويتنافى مع نصوص الاتفاقيات الدولية التي تجرم تجنيد الاطفال وإشراكهم في القتال.
لم يعد خافياَ على احد, ما تقوم به جماعة الحوثي من غسل لعقول الطلاب والطالبات في المدارس في مختلف محافظات اليمن, وتغيير للمناهج وتحريف مسار العملية التعليمية لصالح افكار الجماعة الضيقة التي تسهم في غرس الولاء الطائفية والسلالية والتفوق العرقي والعنصري, وهو ما يتعارض مع دستور الجمهورية اليمنية والقوانين الوطنية النافذة, ماينذر بمستقبل مظلم سيكتوي الجميع بنيرانه, مالم يتداركه العقلاء والمخلصون من ابناء اليمن.
ان ثقافة الافلات من العقاب ساهمت في تشجيع المجرمين في زيادة انتهاكاتهم وجرائمهم ضد الطفولة, والتعاطف الدولي الحاصل مع مليشيا الحوثي ساعد في قتل وحصار وتجويع واستهداف اطفال اليمن, وهذه الجرائم تضع المجتمع الدولي ومؤسساته امام اختبار حقيقي في اتخاذ اجراءات حاسمة ضد جماعة الحوثي, والضغط عليها وتصنيفها ضمن الجماعات الارهابية, لانها تمعن وتزيد في جرائمها كل يوم بحق الاطفال والمدنيين بشكل عام.
*مدير مكتب حقوق الانسان بأمانة العاصمة صنعاء