وقعت اليمن تحت لعنة الجغرافيا ، فموقعها وضعها في طريق التجارة العالمية المتصارع عليه دوليا ، وبما أن أمريكا وهي قائدة النظام العالمي تتعامل مع اليمن عن طريق السعودية ، فقد تركت ملف الحرب في اليمن بيد المملكة العربية السعودية ، خاصة بعد أن توصلت الإدارة الأمريكية إلى اتفاق مع إيران بخصوص ملفها النووي المفتعل ، ومن هنا ستصبح اليمن ساحة خلفية للصراع السعودي الإيراني من جهة وصراع الشرق الأوسط من جهة أخرى.
ونتيجة لهذا الصراع بين إيران والسعودية ، سنجد الولايات المتحدة الأمريكية تتحكم بمسار الحرب بما يتناسب مع الشرق الأوسط الجديد الذي تريده بقيادة إسرائيل وعضوية كل من إيران وتركيا ، فتركت الأمر بيد إيران لدعم عصابة الحوثي الإرهابية التي دخلت صنعاء بتسهيلات إقليمية ودولية ، تحت شعار إسقاط " الجرعة " فنهبت الشعب باسم المظلومية ومررت أكاذيبها على الشعب اليمني بمواجهتها للعدوان وكانت أشد عدوانا على المجتمع اليمني حيث مارست عليه القتل والدمار والفساد ومزقت نسيجه السياسي والاجتماعي وانتهكت كرامته وفتحت له السجون والمعتقلات وشيدت المقابر.
وفي المقابل دفعت أمريكا بالسعودية ومن ورائها الإمارات تحت شعار "تحالف دعم الشرعية " لتصنعا مليشيات جلبتها من حثالات المجتمع اليمني ، حثالات خائنة وعميلة لم تنتج سوى القتل والقمع والدمار والتشريد ونهب مقدرات البلد واستنزاف خيراته وأنتجت الفساد والجوع والبطالة والفقر والخراب والأمية والكذب والغش والخداع وزرع الفتنة المناطقية المعززة بثقافة الكراهية التي تزكم الأنوف.
لم تنتج السعودية والإمارات سوى مليشيات لا تقل شأنا عن مليشيات إيران ، فجميعها تمثل حقدا طائفيا ومناطقيا أسودا وتفرز ثقافة نتنة لم يعهدها اليمنيون من قبل ، فقد شاهدنا كيف روعوا المواطنين وأرهبوهم وطردوهم وسلموا اليمن على طبق من ذهب إلى إيران والإمارات والسعودية ومزقوا الوحدة الوطنية وتماهوا مع مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يقوم على تفتيت الدولة الوطنية التي لن تسلم منه السعودية ، لكن غباء حكامها يسارعون نحو تمزيق بلدهم بجهل منقطع النظير ، سببه الحقد الأعمى على اليمن وعلى شعبها.
ولست بحاجة إلى القول إن شعبنا قد أدرك كذب وتضليل وزيف وعدوانية هذه الحثالات من المليشيات الطائفية والمناطقية التي تأتمر بأمر العدو الخارجي على حساب سيادة ووحدة اليمن وكرامة شعبها ، فانطلقت تفتت وحدته وتنهب خيراته ولقمة عيشه وسلب حقوقه ، فأوصلته إلى تحت خط الفقر وأباحت اليمن للاختراقات الأمنية والمخابراتية ومسخت مؤسسات التعليم والفكر ومؤسسات السلطة وحولتها إلى خرائب يعبث بها المجردون من المبادئ الوطنية والمواطنة ، ويبقى السؤال: أين هم القادة الوطنيون الذين يتصدون للمشروع الوطني ويناضلون من أجله ويقودون الشعب تحت راية ثورتي سبتمبر وأكتوبر مجددا؟.