الثابت اليوم ومع انطلاقه مونديال2022 أن قطر أحدث تغييراً في أحد ثوابت السياسة العالمية الشمولية والتي تحتكر الأحداث المهمة لتربطها بدائرة ضيقة من الشعوب دون غيرها ، وكان لابد لهذا الاحتكار أن يتغير ، فكانت قطر التي تشرفت بإحداث هذا التغيير ، ولعل إقامة المونديال في قطر سيؤسس لمرحلة جديدة تتشارك الشعوب الأحداث الكبرى دون النظر للقيود الجغرافية والسياسية ومحددات تفرضها طبيعة الهيمنة التي تمارسها الدول الكبرى التي تتحكم في كثير من الملفات لتغدو الرياضة أول المتحررين.
الرياضة لغة عالمية لاتعرف الحدود الجيوسياسية ، ولاتعترف إلا بمن يستطيع التحكم بالكرة في الملعب بجدارة دون أن تسأله من أي قارة جئت وبأي لغة تتحدث ، والمنتصر فيها من يهز شباك نظيره بعيداً عن أي ارتباطات أخرى ، وهذا ما يجب أن يسود في كل الأحداث الرياضية العالمية وعلى راسها تصفيات كاس العالم ولابد أن تتوحد كل الجهود العالمية لإرساء هذا المفهوم فتنجو الرياضة من براثن الهيمنة والاستحواذ وتشكِل لغة تفاهم عالمية بين الأمم والشعوب لا مجال لدولة او لقارة أو لقومية التحكم بها أو احتكارها.
سيكتب التاريخ لقطر أنها ملكت قدم السبق في تحرير كرة القدم من دائرة الاستحواذ والهيمنة ، وستجعل الطريق معبّدة لكثير من الدول لتسلك نفس المنحى ، وستتوالى هذه الجهود لنصل إلى تحرير كامل من القيود المصطنعة والتي لاتليق بروح الرياضة الذي جُبِلت على أن تكون عابرة للحدود المختلفة ، يجتمع تحت ظلها من فرقتهم الحروب والصراعات ، ولتؤسس لغرس بذور من التفاهم بين الأمم والشعوب المختلفة.
تحية من كل عربي لقطر وهي ترسل رسالة سلام وتعايش ومحبة لكل العالم حاملة كل قيمنا وإرثنا الحضاري كأمة عريقة من حقها ان يفهمها العالم وتفهمه ، في زمن تخلى الكثير ممن كنا نلقى أملنا عليهم للقيام بهذه المهمة ، فجائت قطر لتسد الثغرة وتقوم بالواجب كما ينبغي وليس غريباً ولا جديداً عليها أن تفعل ذلك.
ما اتوقعه أن هذه النسخة من المونديال ستكون متميزة ، وكل المؤشرات تدل على ذلك ، وستحفر قطر أسمها في راس قائمة الدول التي استضافت النسخ السابقة ، وهذا سيكون محل فخر واعتزاز ليس لأشقائنا القطريين فقط إنما لكل العرب والمسلمين ، وبقدر فرحتنا بهذا الإنجاز ستكون فرحتنا أكبر بما ستحققه منتخباتنا العربية المشاركة في المونديال.
كل التحيات لقطر حكومةً وشعباً وأرضاً ، وكل الأمنيات للمشاركين بالتصفيات بطيب الاقامة على هذه الارض الطيبة ، وأمنيات خاصة لفرقنا العربية المشاركة بتحقيق مراكز متقدمة تتناسب مع تفردنا كعرب باستضافة المونديال.
دمتم سالمين.