لا يختلف اثنان على أن مصالح السعودية في اليمن بالأمس هي مصالحها اليوم ، لم يتغير شيء ، ما تغير هو فقط تبعثر الملف اليمني بين أكثر من جهة بعد وفاة الأمير سلطان بن عبد العزيز الذي تولى إدارة الملف اليمني لفترة طويلة ، وخلال هذه الفترة لم يشعر اليمنيون بأن النظام السعودي يعمل ضدهم نتيجة لتعاطي الأمير سلطان الذي وحد اليمنيين على حب المملكة ، فقد تعامل مع الملف اليمني بكل قضاياه وإشكالاته وكان على اتصال دائم ودراية تامة بالواقع اليمني ومكوناته الاجتماعية والسياسية ، ونتيجة لتبعثر الملف بين أكثر من جهة استطاع آل جابر أن يدير الملف بطريقته الخاصة فمزق القوى الاجتماعية والسياسية ، وهناك من يذهب إلى أن الرجل جندته الإمارات ، لكي يضلل القيادة السعودية ، حتى لا تستطيع الخروج من الرمال المتحركة في اليمن إلا بهزيمة ساحقة ، تمكن أبو ظبي من قيادة المنطقة التي تطمح إلى ذلك .
لقد هدم آل جابر كل الأعمدة التي أقامها الأمير سلطان ، وجعل كل القوى في اليمن الاجتماعية والسياسية تكره الدور السعودي في اليمن ، حتى تلك المدعومة من قبل المملكة ، وهذا يؤكد أن الرجل يعمل لصالح أبو ظبي التي تريد أن تنتقم من السعودية ومن الأمير سلطان الذي وقف في وجه أبو ظبي عام ١٩٩٩، حينما حاولت أن تتطاول على المملكة واشتكتها للولايات المتحدة الأمريكية ، حينها قال الأمير سلطان :على أبو ظبي : " إنها تثير نزاعات صبيانية " وأطلق عليها وصف " نصف إيرانية ، حيث تقوم بنصف معاملاتها التجارية مع طهران ، كما أن نصف سكانها من الإيرانيين أو ذوي الأصول الإيرانية ".
ولست بحاجة إلى التذكير بما قاله محمد بن زايد ، بأن السعوديين ليسوا أصدقائي ، لكنني مضطر إلى التعاون معهم ، وهو يرى أن نزاعه مع السعودية يتعلق بالمقام الأول ، حول حقل شيبة النفطي ، وهذا يؤكد رأي من يعتقدون أن محمد بن زايد تبنى السفير آل جابر لتضليل المملكة في حربها في اليمن والتغطية على ما تقوم به الإمارات من بناء مليشيات تابعة لها تمكنها من جعل السعودية في المقعد الخلفي .
استطاع آل جابر أن يفكك الشرعية لصالح الإمارات وحرص على أن يبني شبكة موالية له من السياسيين والإعلاميين وحولهم من أصحاب حرفة إلى موظفين أجراء عنده ليس لهم دور سوى ماهو مطلوب منهم مقابل أجر مادي ينتظرونه آخر الشهر ولكي يظهر أن من يقدمهم للسلطة السعودية خبراء وذوي قيمة ، منحهم صفة خبراء استراتيجيون في الإقامات التي منحت لهم ، ولو تم مراجعة صفات أغلبهم لوجدنا أنهم مجرد كتبة مع محمد آل جابر في وسائل التواصل الاجتماعي .
مارس محمد آل جابر القتل الرمزي لكل من لم يكن مواليا لشبكته ، وبذلك شكل شبكة من الفاسدين ، ساعدته على غسيل عشرات المليارات من الفساد التي نلعبها مع رئيس الوزراء معين عبد الملك ، ليصبح التافهون خبراء إستراتيجيون ، ولكي يحافظوا على إرضاء الممول قبلوا أن يعملوا كزبائن لدى آل جابر ، وتحولت الشرعية مع مرور الوقت إلى شركة استثمار وتم إقصاء أي تفكير قائم على المبادئ ، ولو أن القيادة السعودية شكلت لجنة لاستقصاء ما قام به آل جابر على الأرض ومقارنته بالتقارير التي رفعها ، لوجدت أن مجمل تلك التقارير كاذبة ، وأن ما أنفقته في اليمن وفي دعم الشرعية ، قد تحول إلى كراهية ضدها ، يعود السبب في ذلك إلى آل جابر الذي دمر ما بناه الأمير سلطان من محبة للمملكة ، وبالرغم من أن السعودية كانت تدعم اليمنيين بالأمس واليوم من أجل مصالحها ، إلا أنهم بالأمس لم يكونوا يشعرون بأن السعودية تدخل في شؤونهم ، مثلما يشعرون اليوم نتيجة لما مارسه آل جابر والذي أعطى صورة بأن المملكة تستهدف اليمن وتحرص على رفع التافهين إلى السلطة وتحارب أصحاب القيم والمثل والمبادئ .