مع كل ما يعانية اليمن من تشتت وفوضى وتمزيق لحمته وتشريد شعبه، يخرج علينا بعض المدلسين بكُتب تحمل تناقضات تاريخية وتفوح منها أحقاد تدعوا إلى اضرام النار وايقاظ الفتنة أكثر مما هي عليه. فهؤلاء حقيقةً لا يمثلون الشعب اليمني، لا زالت القبلية والطائفية الجاهلية تجري في دمائهم التي تنبذه الفطرة السليمة، والتي يتحل بها من قال عنهم المصطفى ﷺ ؛" الإيمان يمان والحكمة يمانية"، فلا يفرقون الحق عن الباطل، يأخذون الأبرياء بجريرة المجرمين، لكونهم فقط أن حفنة من المجرمين ينتسبون لقبيلة بني هاشم، انزلوا فيها كل صفات السفه والعنصرية اجحافًا، حتى أن بعض المغردين السفهاء سمى هذه النسب بالشجرة الخبيثة وأنهم أجانب وعليهم الرحيل، مع أن القانون الدولي يعطي حق المواطنة لمن استقر في وطنٍ خمسين عام فقط، فكيف بمن استوطن فيه لعشرات القرون.
ولا شك أن تلك النعرات لا تأتي من فراغ، بل أن هناك أيادي خفية تريد أن تبث الفتنة، لا يرضيها أن ترى مظاهر الاستقرار والإخوة بين اليمنيين. أنا هنا لست في معرض المدافع عن أحد، بل أكتب هذه الكلمات من باب الإخوة في الدين والعقيدة، فالانتماء لطائفة أو نسب لا يعنيني بشيء ولن يحمني من عذاب الله، فقد حث سيد الأنام ﷺ لقريش وعشيرته من بني هاشم بأن لا يستعينوا في هذه الدنيا إلّا بالله جل في علاه وأن يبتعدوا عن نعرات النسب والقبلية، فقد روي عن ذلك في أحاديث كثيرة، ومنها في قوله ؛ "من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه"، وكما أن في قبيلتي الهاشمية سفهاء وجهلاء فإن في بقية القبائل اليمنية وغيرها سفهاء وجهلاء، ولا ينبغي علينا أن نُجتر وراء نعيقهم.
والمجحف أن هؤلاء المحسوبين على الكُتّاب يذكرون فقط جرائم حفنة انحسبت علينا ويتغاضون عن المجرمين من القبائل والانتماءات الأخرى، اثخنوا ونكّلوا بالناس، ولا يخفى على أحدٍ أن صفحات التاريخ مليئة بهم يكاد الأعمى يراها، ولكن أقلام هؤلاء عمياء لا ترى غير قبيلة واحدة ذنبها أنْ حباها الله بأن جعل منها سيد الخلق صلوات الله عليه، وإن كان الحوثي منها، فإنه لا يمثل إلّا نفسه، والعقلاء منا لا يرون فيه إلّا مارقًا سفيهً طامعًا يلهث وراء كرسي الحكم مثله مثل المخلوع الذي عاث في الأرض فسادًا، سلمه الجيش انتقامًا من الشعب إزاء ثورته الشريفة التي رمت به إلى مزابل التاريخ.
ولولا الخونة الذين باعوا اليمن بالفتات لما كان للحوثي دورًا يُذكر ولما كان له وجود من الأساس، حتى الألوية التي من المفترض تمثل الشرعية كانت في الحقيقة تنسحب من مواقع نفوذها بحجة إعادة التموضع، وهي في واقع الأمر كانت تعطي المجال للحوثي ليبسط نفوذه. فالخاينة للأسف أصبحت سمة مستفحلة في نمط السياسة اليمنية، ثم يخرج علينا جاهل بكتابٍ يحمل كل أنواع الحقد ويظهر في نفسه عقدة النقص، يزيد الطينة بلة، يطالب فيه اجتثاث عرق قبيلة بن هاشم بأكملها والغاء هويتها، ليس ذلك فحسب، بل اعتبر انتشارها في البلدان العربية الأخرى يشكل خطرًا على الأمة الإسلامية ويقارنها باسرائيل، و يتغاضى عن أن هذه القبيلة هي قبيلة سنية في معظمها، أسهم علماؤها الذين يشار إليهم بالبنان في نشر المذاهب السنية وحموا بيضة الإسلام في اليمن وفي غيرها من البلدان، بل أن بعضهم تعرض لبطش الحُكّام الطغاة إزاء مذهبهم السني وتمسكهم به، وعلى رأسهم المجرم أحمد حميد الدين، والذي لقبوه إمامًا تدليسًا.
فقد ذكر بعض علماء المذهب الزيدي في اليمن على سبيل المثال أن أحد علماءنا الشيخ "علي الأهدل" وهو جدنا والذي لُقب بالأهدل، قالوا عنه؛ "لولا الأهدل لكانت اليمن كلها زيدية"، فهو من نشر المذهب الشافعي، وقد لقُبت مدينة زبيد بسببه بـ "زبيد دار العلم" لكونها كانت مهوى لطالبين العلم، وللأسف كُتب الحاقدين لا تذكر ذلك، هَمُهم فقط، هو نشر جرائم حفنة السفاء المحسوبين علينا وتعميمها كظاهرة نمطية تشملنا جميعًا اجحافًا دون تفريق.
فهل من منصفٍ وعاقلٍ يقف في وجه هؤلاء المندسين بيننا باسم الوطنية واطفاء شرارة فتنهم، والجام كل من يتحدث عن القبيلة أو النسب ونبذه من مجتمعنا مهما علا شأنه أو صغر حتى يفيء إلى أمر الله. كُلّي آمال أن أرى كلمات الحق تنشرُ من أصحاب الأقلام الشريفة العقلاء، يعرّون هؤلاء الناعقين باسم اليمن بهتانًا وكذبًا، ينشرونها في تويتر وغيرها من صفحات التواصل الاجتماعي، وتحياتي لشرفاء اليمن الذين يميزون الحق عن الباطل، والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.