حسين باراس :
قدم زيلينسكي لحضور القمة العربية في جدة ، وهو مرتدي الزي العسكري ، الذي التزم به منذ اكثر من 450 يوم ، على بداية الحرب في أوكرانيا ..
زيلينسكي الممثل الكوميدي ، أو المهرج كما يحلو لخصومه تسميته ، يقدم اليوم نموذج مشرف للرئيس الوطني ، الذي يعبر عن تطلعات شعبه ، ويشعر بآلامهم ، قالوا انه سوف يهرب بعد أسبوع واحد من الحرب ، ولكن وبعد اكثر 450 يوم مازال صامدا في الميدان ، ومتنقلا من بلد الى آخر يشرح قضية وطنية .
حسب فوكس نيوز استلمت أوكرانيا منذ بداية الحرب ، أكثر من 450 مليار كمساعدات ، هذا غير القروض ، ورغم الدعم واستقبال الغرب اكثر من تسعة مليون لاجئ ، الا أننا لم نرى منه اي خنوع أو انحناء او تملق .
من على منبر الكونجرس الامريكي وبعد حزمة مساعدات ، قال لهم (أنتم تستثمرون في أمنكم الاقليمي) . خطاب قوي ندي واقعي رزين ، بدون أي تملق او رجاء ، وهذا يدل على فهم عميق بالسياسة الدولية ، وحفاظ على كرامة البلاد ، وإدراك ان الدعم ليس من اجل سواد عيون الاوكرانيين ، بل هي مصالح مشتركة ، وبالتالي لا غالب ولامغلوب ..
الكرامة والعزة لاتعطى ، بل تنتزع ، والمجتمع الدولي ليس جمعية خيرية ، والجميع لديه مصالح ، كما أن الدعم لايعطى قبل أن تثبت أنك تستحق الدعم ، وهذا ما ادركته القيادة الاوكرانية ، وتجسد كل ذلك بتحصن القيادة في العاصمة ، ورفض مغادرتها ، والقتال حتى آخر رمق ، رغم وصول القوات الروسية الى ضواحي كييف ، هذا الصمود والجدية ، هي التي استطاعت أن تقنع المؤسسات الغربية بجدوى الاستثمار في مجال دعم أوكرانيا ، وهو ما أدى لحصول أوكرانيا على منظومة باتريوت الامريكية ، وهذا لم يكن ممكنا قبل أشهر قليلة فقط ..
لم تكتفي القيادة الاوكرانية بالصمود والتحصن في العاصمة ، بل خاضت حرب دبلوماسية ، على كافة الاصعدة ، ولم تفوت أي حدث دولي الا كانت حاضرة لشرح قضية بلادهم ، بثقة واقتدار دون اي ابتذال أو رجاء ..
وهاهو اليوم في جده ، يلبس اللبس العسكري البسيط متضامن مع بلاده ورجاله في الميدان ...
وممايثير استغرابي عندما اشاهده بعض القادة الذين يتفاخرون بركوبهم الطائرات الفاخرة والموائد الزاخرة بكل مالذ وطاب ..
ويقدموه لشعبهم على انه انجاز عظيم بالرغم انهم في مرحلة نضال كما يزعمون ، وتجد هناك من يفاخر بهذا الامر ويقارن من باب الكيد السياسي للخصوص ...
حالة تبلد وعدم شعور بالمسؤولية وغياب لابسط ابجديات المنطق ..
القيادة سلوك وليس شعارات...