لم يعرف العالم قضية أحاط بها التآمر المستمر، و لازمها الاستهداف بالغدر في كل مراحلها، و وضعت أمامها كافة العوائق والعراقيل لأي حل كما هو شأن القضية الفلسطينية.
لقد جابَه الفلسطينيون كافة المؤامرات، و واجهوا كل أنواع الغدر، و ابتُلوا بأنواع الكيد و المكر، و العدوان و الخذلان، طوال مسيرتهم النضالية منذ أيام الانتداب البريطاني الذي تبنى باكورة الغدر و أسس التآمر.
وصلت القناعة بالفلسطينيين إلى أن كل الطرق عبر المجتمع الدولي لن تحقق لهم شيئا أبداً، بل على العكس مضت تشرعن للغاصب المحتل، و تسعى نحو تجريد الفلســـــــطنيين من كل حقوقهم.
هذه القناعة الواقعية قادتهم ببصيرة و موضوعية إلى أنه ليس هناك من خيار أمامهم غير التوكل على الله، و الاعتماد على النفس، و تحركتت المقاومة الفلسطينية بروح الإيـــــمان و البصيرة، و الوسيلة الشرعية.
رأى الكيان المحتل و حلفاؤه عزيمة و إصرارا غير مسبوق، في المقــــــاومة المجاهدة، فعزم هؤلاء جميعا على محاصرتها و قمعها و إنهاء وجودها ماديا و معنويا ؛ فراحوا بكل السبل يؤلّبون الأقارب و الأباعد - بمختلف الضـغوط - على تجريمها، و اتهامها بالوسيلة الجديدة للمستعمر، و هي تهمة الإرهاب لكل مخالف؛ ذلك من أجل دعم كيان دخيل غاصب ..!!
قاطعتها بعض الحكومات، و جرّمتها بعض الأنظمة، و منعت ذكرها أو الحديث عنها، أو التنويه بها بأي شكل من الأشــكال، و ضُرب الحصار المطبق على قطاع غزة نكاية بحماس.
طال الحصار ، و مضى الكيان الصهيوني يشن الحــــرب المدمرة بين حين و آخر، بكل أنواع أسلحة الدمار، تحت غطاء فتـــــوى حلفائه؛ أن ذلك دفاعا عن النفس ، و شرعن المستعمر العدوان للكيان الدخيل المعتدي، و سمّى عدوانه دائما دفاعا عن النفس؛ فيما سمّى أصـــــــحاب الحق و الأرض معتـــدين؛ و بواقحة و افتراء لا مثيل لهما، و بتحَيُّز ضـــــــد كل القيـــــم الإنسانية.
أثمر هدف الاعتماد على الله، ثم الاعتماد على النفس، فراحت ثماره تنمو، و تؤتي أكلها كل مرة بنتائج أحسن من سابقتها.
و جاء يوم السابع من أكتوبر؛ متألقا بعملية فريدة و خيالية ؛ لتحجب حماس كل الأنباء إلا أن يكون عنها، و لتستأثر بالأخبار فلا حديث عن سواها.
و ردد اسم حـــــــماس بانبهار و إعجاب و إشادة كل أحرار العالم، كما ردد اسمها- طوعا أو كرها- الرؤســــــاء، و الأمـــــراء و الأنظمة، و الحكومات، و القنوات الفضــــــائية، و الصــــحف و كافة القوى و الأحزاب و المظاهــــــرات و الصـغار و الكبار، و المحبين و المبغضين، و لم يبق يتردد - و مايزال- طوال خمسين يوما، و سوف يستمر - غير اسم حماس.
الإرهاب، الذي مورس ضد الشـــــعب الفلسطيني، و حقه في الجهاد و الدفاع عن نفسه، هو من عزز النضال، و هو من أوجد حماس. و لنا أن نتساءل:
ما الذي قدمه المجتمع الدولي للشعب الفلسطيني طوال 75 سنة؟
كم هي الوعود الكاذبة للفلسطينيين التي جاءت على ألسنة حلفاء الكيان الصهيوني؟
أي شعب سيقبل بأكــــــــذوبة مسمى كيان بلا سيـــــادة و لا صلاحيات؛ كمسمى السلطة الفلسطينية؟
من بمقدوره أن يُجبر شعـــــبا على أن يتخلى عن الكــــفاح و الجهاد لتحرير أرضه و نيل حقوقه؟
من بمقدوره أن يشرعن أو يفرض حلا لا يعطي الشــــــــعب الفلسطيني كافة حقوقه؟
راهن الكيان الصهيوني على الوقت ليأمن و يهيمن، فهاهي 75 سنة تمضي و الجهاد يزداد قوة و صلابة.
على الكــــيان الصهيوني ألا يشتري الوهــــــــم ، و على قوى الاستعمار ألا ترهب أحداً بمسمى الإرهاب، فقد غدا المزايدون به، هم الممارسون له ؛ و قد انكشف هذا للعالم أجمع.