تلقت الدبلوماسية اليمنية انتكاسات متتالية مع تآكل قوتها الناعمة وتراجع قدرتها على التأثير، حتى في بلدان تحالف دعم الشرعية، وزادت حدة هذا التراجع في زمن تقلد بن مبارك منصب الوزير، فقد تعرضت لمجموعة من الإخفاقات أظهرت تراجعا مطردا للشرعية على عدة أصعدة، فقد تم اختيار الدبلوماسيين من خارج الوزارة، أو تم التمديد لهم لفترات متتالية، ليحدث بذلك قطيعة مع تقاليد راسخة كانت سائدة في وزارة الخارجية اليمنية .
يواجه الوزير شايع منظومة فاسدة مازالت تمني نفسها بالعودة إلى الوراء، فبدلا من تشجيع رئيس الحكومة للإصلاحات التي يقوم بها الوزير، إذا به يقف في مواجهتها، وبدلا من التفرغ لتشكيل الحكومة التي كلف برئاستها، لكنه قبل بالاستمرار على رأس حكومة متهمة بالفساد، أقيل رئيسها السابق بتهم الفساد، ولعدم قدرة بن مبارك على تغيير اللعبة أو دفع أي شيء إلى الأمام، ذهب إلى إعاقة الإصلاحات التي يقوم بها وزير الخارجية ولم يرتق إلى مستوى الحدث وإظهار روح المسؤولية .
يعد تصرف بن مبارك عار وغير مسؤول وخطير على الإصلاحات في السلك الدبلوماسي، فخطة الوزير تعتمد على سياسة اليمن الخارجية وتوجهات الشرعية الدولية، انطلاقا من المعلومات الواردة من المراكز الدبلوماسية والقنصلية، ونتيجة لعدم كفاءة الكثيرين من البعثات الدبلوماسية، وتجاوز مدة التعيين التي ارتكبها بن مبارك على حساب أبناء الوزارة من المتخصصين والمؤهلين، قرر الوزير أن يقوم بدوره كوزير ووفق قانون الخارجية والأعراف الدبلوماسية .
لكن بن مبارك يريد الاحتفاظ بالتعينات التي أجراها أثناء إدارته للوزارة والمخالفة للوائح، فيحاول فتح صراع مع الوزير الحالي، إضافة إلى ما يتبعه حاليا من سياسة الوصاية على الوزير والوزارة والذي سيصيب الدبلوماسية بالضياع، لقد بات بن مبارك يفتقر أكثر فأكثر إلى فهم الحدود بين كونه رئيسا للحكومة وبين عمل وزارة الخارجية، ومما لا شك فيه فإن بن مبارك لا يستطيع الصمود إلى ما لا نهاية، فهو يخوض سباقا مع الوقت .
يريد الزنداني أن يعيد للدبلوماسية ألقها ويريد للخارجية أن تلعب دورا مهما في رسم السياسة الخارجية، بعد ما وجد أن دورها اضمحل في الفترة السابقة، خاصة في عهد سلفه بن مبارك الذي استولى على عدة ملفات في السياسة الخارجية، لكنه أفسد الكثير منها بسبب فهلوته أو الافتقار إلى المنهجية .
ظهر ارتباك السياسة الخارجية للشرعية في صعوبة احتفاظها بخيط رفيع يضمن التوازن في علاقاتها مع الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، فجميعها ظلت تضغط على الشرعية لتقديم تنازلات لصالح الحوثيين وهذا ما أراد الزنداني أن يتجاوزه، لكن بن مبارك لا يريد أن يتفرغ لإدارة الحكومة ويتوقف عن مواقفه الاستعراضية أمام وزير الخارجية، وتبقى الكرة في ملعب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، إما أن يكون مع الإصلاحات، أو يكون مع التعطيل .