*هنيئاً النصر لصانعي المستحيلات*
_منصور بلعيدي_
وانتصر أهل غزة رغم الخطوب.. فهنيئاً لأهل غزة بالنصر.. فالنصر لهم وحدهم.
واجهوا الدنيا كلها وحدهم.. فنصرهم الله لصدقهم.. إنهم حقاً صانعو المستحيلات.
هم الطائفة المنصورة، أصحاب الحق الذين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم.
أما نحن فنتوارى خلف ضعفنا ونخجل من أن نرفع رؤوسنا أمامهم.
وصدق من قال: واجهوا العدو بأرواحهم قبل أجسادهم وبعزيمتهم قبل آلامهم، واكتفينا نحن بالمشاهدة والكلمات الخافتة الخجولة في وقت يحتاجون فيه إلى مواقف فاصلة.
نعم، كنا في موقع المتخاذلين الذين يبحثون لأنفسهم عن مخرج أمام العجز الفاضح.
واليوم ينتصرون ونكبر الله معكم، ولكن كيف لنا أن نكبر الله ونحن لسنا معهم في ميادين الشرف والعزة؟
كيف نهنئهم بالنصر ونحن لم نشارك فيه؟
النصر الذي أكرمهم الله به هو لهم وحدهم.
فقد سقطنا في اختبار النصرة ونجحوا في اختبار العزة، فهم الطائفة المنصورة.
هم من رفع راية النصر حين تركناها تسقط.. وهم من صدقوا الله فصدقهم.
هم الذين آمنوا بوعد الله قبل أن ينظروا إلى موازين الدنيا.
هم الذين صدقوا قول الله تعالى: *"كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله"* فجعلوا يقينهم عتادهم وثباتهم سلاحهم وأرواحهم مهراً للعزة والكرامة.
آمنوا بقوله تعالى: *"ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات"* فجادوا بدمائهم الطاهرة الزكية راضين لا ساخطين.
آمنوا بقول الله حين وصف حسابات الدنيا بأنها *"متاع قليل"* فكانت حساباتهم هي حسابات الإسلام ومقاييسهم هي مقاييس الإسلام، فتجسدت فيهم عقيدة الإسلام والإيمان الحق، فنصرهم الله.
والنصر ليس عدداً فقط، فإضعاف العدو نصر، وكسر هيبته نصر، وثباتكم نصر، والفتح لدين الله نصر.
هذه حسابات العزة والشرف الذي لا يُباع ولا يُشترى.
يكفيهم فخراً حين يقال لهم يوم القيامة: هؤلاء الذين ثبتوا حين زُلْزِلت الأمة.
هؤلاء الذين جعل الله على أيديهم الفتح والتحرير والنصر للأمة كلها.
نشهد الله أننا نحبكم يا بقية العزة لأمة نامت..
كتبتم بالدم والدمع ما عجزنا عن كتابته بأقلامنا المرتعشة.
نحبهم ونرى فيهم صورة الأجداد الذين حرروا الأرض ورفعوا الرايات.
أنتم جذوة الإيمان التي لم تنطفئ رغم الرياح العاتية.
نحبهم ونقبل الأرض التي يسيرون عليها من تحت أقدامهم.. الأرض التي تحتضن شهداءنا الأبرار.
نعم، خذلناهم بأفعالنا.. لكننا والله لم نخذلهم بقلوبنا وأقوالنا ما في وسعنا.
نتوجع معهم ، نتوجع عليهم ، نتوجع حياء منهم ، ونتوجع ألف مرةٍ لعجزنا"
نقف أمام هاماتهم خجلين وندعو الله أن يغفر لنا خذلانهم وأن يجمعنا بهم في ميادين العزة والكرامة يا تيجان رؤوسنا.
سلام الله عليهم، ورضي الله عنهم كما رضي عن أسلافهم من المهاجرين والأنصار.