*ناصر العنبري.. ودموع التماسيح*

2025/02/16 الساعة 06:01 صباحاً

 

_منصور بلعيدي_

رأيت فيديو للفنان ناصر العنبري يعلق فيه على كلمة توكل كرمان بمناسبة ذكرى ثورة 11 فبراير. كانت كلماته توحي بالألم والحزن على ما وصل إليه حال الشعب اليمني من ذل وهوان وفقر وجوع وفساد وإفساد. 
عزا كل ذلك إلى ثورة 11 فبراير، وزاد طالباً من توكل كرمان السعي لإصلاح ما خربته ثورة 11 فبراير بدلاً من قولها إن الثورة مستمرة، وكأن لديها عصا سحرية لاستعادة الثورة المسروقة وإصلاح حال الشعب.

كل ذلك كان بتمثيل دقيق لعب فيه العنبري دور الموجوع من ثورة 11 فبراير التي أوصلت، بحسب رأيه، الشعب اليمني شماله وجنوبه إلى المستوى المزري الذي يعيشه اليوم. حتى أنه أقسم يميناً مغلظة بأنه لأول مرة يبكي بحرقة لأن توكل ترى أن الثورة مستمرة، ويفهم من يمينه أنه لم يبكِ على أبيه كما بكى على الشعب. ما شاء الله، تصلح رئيس اليمن!

هذا توصيف مختصر مباشر لحديث العنبري. ونحن نعرف أن الفنان، أي فنان، يكون مرهف الإحساس صادق المشاعر تجاه المواقف والأحداث. لكن العنبري شذ عن هذه القاعدة وتحول من فنان كوميدي ومروج إعلانات إلى ناقد سياسي متحيز مثل أي سياسي من سياسيي هذه الأيام.
 
غابت عن العنبري الواقعية وجانبه الصواب وفقد المنطق السليم وسقط سقوطاً مدوياً في حمأة النفاق والتزلف للقيادات الذين دمروا البلاد وأفقروا العباد ونشروا في الارض الفساد .

فجاء العنبري ليدفع عنهم تهمة تخريب البلاد ويرميها على توكل كرمان بكل بساطة دون أن يرف له جفن وكانها مشجب لفشل من دفعوا بالعنبري لينشر هدا.المقطع. 

مع أن العنبري يعرف في قرارة نفسه أن ما قاله لا يعدو كونه تزلفاً محضاً لمن دمروا البلاد، ولكنه قفز على الجدار الصغير ليمارس نوعاً آخر من أنواع الترويج الإعلاني ليعتاش على الأكاذيب السياسية العقيمة. 
وبهذا خلع عن نفسه صفة الفنان ليتحول إلى سياسي من هؤلاء.

ما هكذا يا عنبري تورد الإبل. إذا كنت خدعت زميلك وتكسبت بعرقه واثريت على حساب من ساعدوك ليظهر شأنك، فلا غرابة أن نراك تتكسب على حساب ثورة أرادت أن تحررك من قيود الاستبداد فرميتها بسهام الجحود لتبني مستقبلك المادي على حساب آهات وآلام الملايين الذين سحقهم الفساد والاستبداد فانتفضوا ضده وأسقطوه، ولكن الثورة المضادة كانت لهم بالمرصاد، فسرقت ثورتهم ودمرت البلاد والعباد وما زالت تسوم المواطنين سوء العذاب. وأنت تراهم بأم عينيك فتغض الطرف عنهم وتتجه صوب توكل كرمان التي أرادت أن تستنهض الهمم وتنشر الأمل وتضع ضوءاً في آخر النفق لتدفع الشعب الصابر لينتفض وينفض عن كاهله غبار الذل والهوان بثورة لا تبقي ولا تذر.

فتأتي أنت لتثبط الهمم وتقف في صف الناهبين والفاسدين والبلطجية والقتلة والمجرمين، وتذرف دموع التماسيح على شعب اختطفت ثورته وتسنم قيادته الخونة وبائعي الوطن.

سبحان الله، كم هي الدراهم غدارة وكم كان أحمد عمر بن علوان محقاً في توصيفه حين قال: "الفلوس تبيع النفوس وتجيب الجن مربطين."

ارجع لحولك يا ابن العنبري وأتحفنا بمقاطع ذات هدف سامي ومعنى راق يستفيد منه المتلقي، وليس بالخوض في معمعان الصراعات العقيمة التي أورثت البلاد والعباد كل هذا الخراب.

كن منصفاً يحبك الناس ولا تغمس نفسك في وحل السياسة والمكايدات، حتى نستطيع أن نسميك فناناً وليس سياسياً.
 أنا هنا لا أدافع عن توكل كرمان، بل أراها حلت قضيتها الذاتية وتركت بلدها جرياً وراء مصالحها الخاصة. لكنني لا أريد أن تصبح كحصان طروادة لكل متكسب على حساب الآخرين ولذم ثورة اراد مفجروها الحياة لشعب فيه من يريد لها الموت. 

كلمة كرمان إيجابية مشجعة، يجب أن تمدح عليها ولا تذم، انطلاقاً من القاعدة الشرعية: *"قل للمحسن أحسنت وقل للمسيئ أسأت"* .

هل وصلت الرسالة يا عنبري؟