حافظ الحراك على سلميته طوال السنوات الست الماضية وفشلت كل المحاولات لجره صوب العنف، غير ان ما بدأ مؤخرا من تأييد بعض فصائل الحراك لما حدث في مصر ولقائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي افرز عدد من التساؤلات على السطح حول نهج الحراك وتوجهاته المستقبلية، ام ان ما حدث من تأييد لا يعدو ان يكون مجرد خطأ وقع فيه البعض يمكن معالجته سريعا وتفادي تأثيره على ما عرف به الحراك من سلمية وحضارية.
ان تأييد السيسي رسالة سياسية خاطئة بالنسبة لحركة ثورية تناضل سلميا منذ ما يزيد على ست سنوات لتحقيق مطالبها ورفع الظلم عنها وعن الشعب في الجنوب، لان في ذلك تأييد لنهج الانقلاب الصريح الذي قام به العسكر على رئيس منتخب وحكومة منتخبة وبرلمان منتخب بصرف النظر عن من هو هذا الرئيس ومن هي الحكومة وخلفياتهم الفكرية بقدر اهمية القيمة التي حققتها مصر عبر اول انتخابات ديمقراطية في تاريخها وتاريخ العالم العربي داس عليها العسكر بالنعال عدا عن سفك دماء ما يزيد على 3500 شهيد واصابة ما يزيد على 15 الف واعتقال ما يزيد على عشرة الاف .
ان تأييد القتلة امر مؤسف فللذين يسفكون دماء شعوبهم للوصول الى الكراسي لم يعد لهم في قاموسنا العربي مكانا لاسيما بعد ثورات الربيع العربي البيضاء والتي بدأها الحراك العام 2007م من عدن، ان أي حكم يتأسس على الدماء هو حكم العصابات والمجرمين مصيره الى زوال وفي تاريخنا العربي المعاصر مشاهد كثيرة للدروس والعبر.
ما قام به السيسي في مصر امر بشع لا نريده ان يتكرر في عالمنا العربي وهو في حد ذاته مجرد ثورة مضادة سينتصر عليها المصريون عاجلا ام اجلا وما يؤكد انها ثورة مضادة وانتقامية من القوى التي قادت ثورة 25 يناير هو اطلاق المخلوع حسني مبارك ورموز نظامه وعسكرة الحياة المدنية اذ لا يوجد دليل واحد يؤكد ان ما حدث كان امرا ايجابيا وحضاريا فكيف نؤيده ونرفع صور قائده ونقول بعد ذلك اننا حضاريون وسلميون.
الحراك الجنوبي ثورة حضارية الهمت العالم لكن هناك كما يبدو من يريد توريطه في تأييد موقف واحداث استنكرها العالم كله لغرض توجيه رسائل سياسية خاطئة لقوى سياسية داخلية في صورة تشوه صورة الحراك السلمية الحضارية.
من يرفض انقلاب مصر ليس بالضرورة ان يكون اخوانيا قد يكون انسانيا وديمقراطيا لان ما حدث لا يقبله دعاة الديمقراطية والانسانية.
امل ان يراجع الحراك مواقفه مما حدث في مصر جيدا وان يتخذ الموقف الذي يتناسب مع نهجه ورصيده الزاخر، عليه ان يفرق بين السياسة والعنف والقوة، وبين الايديولوجية والديمقراطية، وبين ما هو حضاري وما هو ديكتاتوري واستبدادي