بما ان المجتمع يتطور وينهض نتيجة اهتمامه بالتعليم العالي فانه بالمقابل يتخلف ويتدهور نتيجة عدم اهتمامه بالتعليم العالي وهذا هو الفارق بين البلدان والمجتمعات المتطورة والمتخلفة ونحن في الجمهورية اليمنية وللأسف الشديد ننتمي وبطبيعة الحال الى تلك البلدان المتخلفة والمتدهورة في شتى المجالات وبمختلف الأصعدة فالجمهورية اليمنية وبحسب التقارير الدولية تحتل المراتب الأولى على مستوى العالم في التخلف والتدهور وقد جاء هذا التدهور والتخلف الذي تشهده اليمن نتيجة عدم اهتمام الدولة بالتعليم العالي وهذا لم يعد خافيا على احد فقد بات المتعلم والجاهل والمثقف يدركون حقيقة ان التعليم العالي باليمن يشهد تدهور خطير .
التدهور الخطير والمروع والمفزع الذي يشهده التعليم العالي في اليمن لم يعد خافي على احد كما انه لم يكن وليد اللحظة كما ان ذلك التدهور لم يأتي من فراغ فواقع التعليم العالي الفاشل الذي نشهده اليوم جاء نتيجة ممارسات وتصرفات خاطئة تراكمت منذ زمن بعيد حتى وصل حال التعليم العالي الى ماهو عليه اليوم من فشل وتدهور .
واقع الحال يشير إلى ان إدارة التعليم العالي في الجمهورية اليمنية فاشلة بامتياز وهذا اثر سلبا في إخفاق وفشل التعليم العالي وعدم إعداد مخرجات التعليم العالي إعدادا علميا يتلاءم مع النهضة العلمية الحديثة ومتطلبات التنمية الاقتصادية وسوق العمل وهناك عدد من التحديات والصعوبات التي أثرت سلبا على إدارة التعليم العالي بالجمهورية اليمنية ولعل أهم تلك التحديات والصعوبات هي الآتي :
أولا : ان اكبر تحدي يواجه التعليم العالي في الجمهورية اليمنية وبحسب الأبحاث والتقارير ووفقا للدراسات التي أجريت في هذا المجال تتمثل بإقحام السياسة في العملية التعليمية نعم فالسياسية لعبت الدور الرئيسي في فشل وتدهور التعليم بشكل عام والتعليم العالي على وجه الخصوص ذلك ان جميع التعيينات والقرارات في الجامعات اليمنية تخضع بالدرجة الأولى للمعيار الحزبي والسياسي وهي بعيده كل البعد عن معيار المهنية والكفاءة وهذا بطبيعة الحال نتج عنه وجود مدراء ومسئولين في وظائف عليا غاية في الأهمية وأساتذة جامعات لا ينتمون الى حقل الكفاءة والمهنية بشئ بقدر ما ينتمون الى الجانب الحزبي والسياسي والذي بفضله تمكنوا من الحصول على الوظائف العليا الهامة .
ثانيا : من أهم التحديات التي تواجه التعليم العالي في الجمهورية اليمنية هي في مدى ملائمة وطبيعة علاقة تخطيط التعليم العالي بالتخطيط الاقتصادي اي ربط مخرجات التعليم العالي بمتطلبات التنمية وسوق العمل ويتمثل غياب التخطيط غالبا بغياب رؤية فلسفية موحده حول دور الجامعة ووظيفتها لهذا فان غياب سياسات تربط مخرجات التعليم العالي بحاجة التنمية الاقتصادية الاجتماعية يمثل أهم تحدي يواجه إدارة التعليم العالي في الجمهورية اليمنية .
ثالثا : البرامج والمناهج الجامعية الحالية تلعب دورا رئيسا في تدهور التعليم العالي وعدم ملائمة مخرجاته مع متطلبات التنمية وسوق العمل وهذه حقيقة فالمناهج والبرامج الجامعية التي كانت تدرس في السبعينات هي نفسها لازالت تدرس اليوم في الجامعات اليمنية ولم يتم تطويرها وتحديثها بما يتلاءم مع التطورات العلمية الحديثة وبما يتوافق مع متطلبات التنمية الاقتصادية واحتياجات سوق العمل وكما هو حال بقية الجامعات في مختلف الدول .
مؤتمر التعليم العالي الثاني والذي انعقد من الفترة 12 وحتى 13 مارس 2008 وضمن توصياته شدد على ضرورة تحديث البرامج والمناهج الجامعية بصورة دورية لا تزيد عن خمس سنوات بما يمكن المتخرجين من اكتساب المعارف والمهارات المناسبة لاحتياجات السوق المتجددة كما أوصى المؤتمر على ضرورة توفير التدريب المهني المناسب لأعضاء هيئة التدريس الذي يمكنهم من تطوير البرامج والمناهج الدراسية بما يلبي احتياجات سوق العمال ومع ذلك فان المناهج والبرامج الجامعية مازالت نفسها لم يطراء عليها اي تغيير او تحديث وهنا أتسأل لماذا لا يتم تحديث وتطوير البرامج والمناهج الجامعية !؟ وماهو المانع من ذلك هذا التساؤل أوجه تحديدا الى الجهات ذات العلاقة في وزارة التعليم العالي أفيدونا بارك الله فيكم ونفع بكم الأمة !؟
رابعا : عدم فاعلية أداء أعضاء هيئة التدريس في الجامعات وقد جاء عدم فاعلية أعضاء هيئة التدريس نتيجة لعدة أسباب أهمها ضعف الراتب الذي يتقاضاه عضوا هيئة التدريس فالراتب الذي يتقاضاه عضو هيئة التدريس بالجامعات اليمنية لا يفي لمتطلبات المعيشة الضرورية والحياة الكريمة وهو الأمر الذي دفع بمعظم أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الحكومية للاتجاه نحو التدريس بالجامعات الأهلية علهم بذلك يتمكنوا من تأمين متطلبات المعيشة الضرورية والحياة الكريمة بينما ذهب البعض من أعضاء هيئة التدريس للهجرة إلى دول الخليج للتدريس في الجامعات الخليجية كونها تدفع مرتبات مجزية لاتقارن مع مايتقاضاه عضو هيئة التدريس من الجامعات اليمنية الجانب الآخر والذي اثر سلبا على عدم فاعلية أداء عضو هيئة التدريس في الجامعات اليمنية يكمن في عدم وجود آلية لتقييم أداء أساتذة الجامعات وهذه طبعا وعلى اقل تقدير فضيحة وكارثة بحق التعليم العالي بالجمهورية اليمنية نعم أقولها وبالفم المليان وأنا مسئول مسئولية كاملة عن كل حرف اكتبه ان عدم وجود آلية لتقييم أداء أساتذة الجامعات فضيحة مدوية وكارثة وهو استهتار يجب ان يتوقف في الحال واليوم قبل غدا والآن وقبل كل شئ أدعو الجهات ذات العلاقة الى سرعة إيجاد آلية متطورة لتقييم أداء أعضاء هيئة التدريس على ان تعتمد تلك الآلية على وسائل وأساليب تقويم متنوعة ومتعدده لا أسلوباً واحداً كما يجب على الجهات ذات العلاقة ايضا اعتماد معايير جودة الأداء التدريسي محورا أساسي في منح الترقيات العلمية وعدم اعتماد البحث العلمي كمحوراً وحيداً للترقيات العلمية .
ولكي يساهم التعليم العالي في الجمهورية اليمنية مساهمة فاعلة في خدمة المجتمع والارتفاع به حضاريا ولكي تصبح مؤسسات التعليم العالي في يمن الإيمان والحكمة موطنا للفكر الإنساني على أرقى مستوياته ومصدرا لتنمية الموارد البشرية متوخيا في ذلك رقي الفكر والإبداع والابتكار وتقدم العلوم الطبيعية والطبية والاجتماعية والإنسانية والتطبيقية وتنمية القيم الإنسانية والمساهمة في المعرفة الكونية على أسس من الندية والتكافؤ وترسيخ الأصالة وتطويرها والنهوض بها الى مستوى المعاصرة وإذا ما أردنا ذلك واقعا نعيشه يجب على حكومة الوفاق الوطني ان تولي التعليم العالي أهمية بالغة تليق بدوره وأهميته في بناء المجتمع وتطوره ونهضته .
المهندس هاشم شرف وزير التعليم العالي المحترم التعليم العالي فاشل التعليم العالي يواجه العديد من التحديات والصعوبات اثرت سلبا على العملية التعليمية وعلى مخرجات التعليم العالي ، الوزير شرف التعليم العالي لايشرف وبأنتظار ان تنتصر له و تعيد له شرفه ومكانته حتى يسهم وبشكل فاعل في تطوير ورقي ونهضة اليمن الحبيب اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.
*رئيس المنتدى اليمني للتعليم العالي