واحدة من أبرز مفارقات الحوار الوطني أن اثنين من أعضاء اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار استقالا احتجاجا على رفض الرئيس هادي والحكومة تنفيذ نقاط التهيئة وبناء الثقة في الجنوب وصعدة بينما التزم من يزعمون تمثيل الجنوبيين والصعديين موقف المتورطين في الانتهاكات شمالا وجنوبا. هذان العضوان مستقلان حزبيا ولا يمتان بصلة لأي من مراكز القوى والنفوذ في اليمن, وهما ليسا من محافظة جنوبية ولا يخفيان انتقاداتهما لسلوك الحوثيين على الأرض. استطرادا, فإنهما من أبرز مكافحي انتهاكات السلطة السابقة والراهنة في الجنوب وصعدة.. صدر موقفهما من انتماء لكل اليمنيين، وهو، ولا جدال، موقف محترم تتأكد صوابيته ووطنيته الآن بعد أن بلغت اللعبة نهايتها في موفنبيك.
هذان اليمنيان السويان الرائعان لم يجدوا في الخريف الماضي صوتا ثالثا يسند موقفهما في اللجنة من أجل وقف المسار الكارثي الذي اتخذه الحوار الوطني مذَاك... صوتا محترما واحدا! لنتذكر بأن اللجنة الفنية ضمت قيادات حزبية بارزة وممثلين غير رسميين عن الحراك الجنوبي وممثلين اثنين عن جماعة الحوثي "أنصار الله".
النقاط العشرون التي أقرت من اللجنة كانت تنشد معالجة المظالم في الجنوب وصعدة, والبدء باجراءات بناء ثقة حيال الحوثيين والحراكيين، وبما يعزز ثقة اليمنيين عموما بالحوار.
المفارقة أن الحوثيين والحراكيين والاشتراكيين بلعوا السنتهم طيلة اشهر التحضير, بل وتواطؤوا ضدا على حقيقة ما يجري داخل اللجنة. وانصاعوا لمشيئة الرئيس هادي (وإن كأن هذا الانصياع لا يكفي وحده لتفسير موقفهم), وقرروا المضي مع الأطراف الأخرى في انجاز مؤتمر حوار محكوم عليه بالفشل.
والآن يخرجون السنتهم احتجاجا على هادي, ويريدون من اليمنيين أن يباركوا وقفتهم المشكوك في دوافعها...
إن كنتم فعلا تنتصرون للحوار فما من سبيل إلى ترميم مصداقيتكم سوى العودة إلى نقطة البداية: التهيئة أولا قبل حواركم التقاسمي التآمري.
الحوثيون والاشتراكيون وبعض الحراكيين, مطالبون بإظهار غيرتهم على الحقوق بالسلوك لا بالزعيق والابتزاز, لا بتكبيد اليمنيين جميعا فاتورة فساد حفنة قتلة ولصوص يشاركونهم الإقامة في منتجع موفنبيك.
انتصروا لليمن كما اقسمتم أمام اليمنيين والعالم بدلا من الانغماس في مؤامرات سرية ل"تقاسم السلطة والثروة".