القضية الجنوبية قضية شعب لا قضية نخب سياسية كما يفسرها البعض، ومنذ سبع سنوات يثبت الحراك الجنوبي السلمي أن القضية الجنوبية وإن حاولت بعض النخب السياسية أو الأحزاب التعبير عنها أو الحديث باسمها فإن ذلك لا يغير من كونها قضية شعبية يعتبر الحراك السلمي هو حاملها الحقيقي، وداخل الحراك أو الثورة الجنوبية تنضوي عدد غير قليل من القوى الحزبية والسياسية والمكونات والحركات والمنظمات المدنية وغيرها من فعاليات المجتمع المدنية جميعها تعتبر القضية الجنوبية قضيتها وتعبر عنها باشكال ووسائل مختلفة.
وحتى لا يتم اختزال القضية الجنوبية بحزب أو نخب سياسية معينة أو مكونات فإنه لابد من التدقيق والتركيز ونحن نضع الحلول لهذه القضية بحيث يكون الحل معبرا عن الحالة الشعبية لا ما هو أدنى منها حتى لا نجد انفسنا مرة أخرى أمام ثورات جديدة ومطالب مستجدة، وبالتالي لاتلامس الحلول تطلعات الناس فتفشل ويعود الساسه مرة أخرى للبحث عن حلول أخرى، وبدلاً من المضي صوب البناء نظل عالقين عند خلق المشكلات والبحث عن معالجات لها.
لقد اصبحت القضية الجنوبية اليوم راس حربة في الحوار الوطني الذي يشارف على نهايته وعلى الرغم من رفض قطاعات واسعة في الجنوب والحراك للحوار إلا أن الحوار في الحقيقية أسهم كثيرا في التعريف بالقضية وإكسابها بعدا إقليميا ودوليا بحيث أصبح الجميع يتفهم أن الحوار لايمكن أن ينجز أية حلول مالم تحل القضية الجنوبية أولا لانها مرتبطة من ناحية بشكل الدولة الاتحادية القادمة ومن ناحية أخرى بكونها قضية شعب لا قضية نخب كما يحاول أن يصورها البعض.
القضية الجنوبية هي نتاج ما أحدثته حرب صيف 94 من تدمير وتهميش وإقصاء ليس لحزب سياسي ولكن لقطاع واسع من الشعب في الجنوب إن لم يكن لشعب باكمله، وهذا لم يتوقف عند جيل واحد فحسب بل شمل الاجيال المتعاقبة التي لم يكن لها ناقة ولا جمل بالحرب واوزارها لكنهم وقعوا ضحية لاثارها الكارثية ويدفعون ثمنها حتى اليوم ،من أقصاء، وتهميس، واستبعاد اجتماعي، ممنهج حتى أصبح الناس أكثر خوفا على المستقبل في حال استمرار هذا الوضع لانه في الحقيقية يقود إلى تدمير مستقبل الاجيال وتحطيم تطلعاتهم لهذا انتفض الناس في ثورة شعبية ما تزال مستمرة ولن تزول إلا بزوال الاسباب التي انتجتها.
على النخب السياسية في حوار موفنمبيل أن تعي جيدا أن أي حل للقضية الجنوبية لا يلامس تطلعات الشعب الجنوبي ولا ينال رضاه سيكون حلا ناقصا ولن يقبل وسيرفض شعبيا وجماهيريا، بل سيؤجج من حركة الشارع وسيمنح الحراك فرصة للكسب الشعبي والسياسي لاسيما من يطالبون"بفك الارتباط"، وبالتالي سيكون الحوار الذي عقد من اجل ايجاد حل لأبرز قضية سياسية ووطنية قد ولد ناقصا ومنقوصا، وستكون القوى السياسية بحاجة لمعجزة لاقناع الشعب بحلولها والمضي قدما صوب انجاز الحل الذي سيخرج به الحوار لاسيما في ظل رفض الشعب في الجنوب له واستمرار الحركة الشعبية في مطالبها وتنظيم فعالياتها ومسيراتها.
الجنوب اصبح اليوم محط اهتمام دولي واقليمي كبير، وهو قبلة المتصارعين وهو الذي بامكانه تغيير المعادلة السياسية، مثلما قلب الموازين وفجر الثورات واحدث التغيير ولو أنه جزئيا لايرقى لمستوى الفعل الثوري، لكن ما تخبئة الايام يبدو كثيرا من المفاجآت إذ أن استمرار الحالة الثورية في الجنوب بامكانها ان تفجر ثورات عديدة في أكثر من مكان في اليمن حال فشل التغيير والحوار وعدنا لمربع الصفر.
إذن القضية الجنوبية قضية شعب لانخب ومن يحاول أن يختزلها في نخب معينة يغالط نفسه ويكشف عن عجزه في انتاج حلول لها، وبالتالي فهو غير صالح للحديث عن التغيير وعن اسبابه وغير مؤهل للمشاركة في تقرير مستقبل البلاد.
إن الرهان على خلافات الجنوبين والبناء عليها هو رهان خاسر ومثلما قلنا أن القضية الجنوبية قضية شعب فهي قادرة عبر الحراك السلمي أن تاتي بقيادا ت جديدة من الميدان لتعبر عن تطلعات الشعب في حال فشلت القيادات الموجودة، والايام سوف تثبت هذا الكلام فالحوار الجاري في الجنوب سوف يفرز الكثير من الرؤى ويصوب الكثير من الاخطاء التي رافقت مسيرة الحراك وسيفرز الكثير من المتغيرات-وكأي متابع أو مراقب- للاحداث أقول أن أي شعب حي لايسكت على الظلم والباطل قادر على الصمود والثبات هو قادر ايضا على النجاح مهما طال الزمن لذا فإن الحلول التي لاتعبر عن تطلعات الشعب لن تجد أية قبول أو رضى شعبي وهذا ما ينبغي ان يعيه المتحاورون ومن يقف خلفهم من قوى دولية وإقليمية.