على خلفية اتفاق يوم الاثنين الماضي الذي أتى بعد نحو يومين من مقترحات المبعوث ألأممي جمال بن عمر والذي يبدو انه قد تطبع بطباع ساسة اليمن الذين أتسموا بالغموض وعدم الشفافية و يقولون مالا يعملون ، ولا يجب ان يلقى اللوم على بن عمر فهو لاشك دبلوماسي محنك ومجرد رسول وممثل منظمة دولية فالحل والعقد في نهاية الأمر بيد مجلس الامن ، الملاحظ انه عندما توارى المبعوث الاممي لايام قليلة عن الأنظار بعد تهديده لمن يعرقلون العملية السياسية حينها توقع الرأي العام بأنه سيعود فاتحا مسلحا برؤية صارمة لمجلس الأمن من شأنها إنهاء العبث والتخبط في الساحة اليمنية ولكنه بالفعل جاء ببضع نقاط فضفاضة زادت من تعقيد القضية وأقلها انه قد فسر الماء بعد الجهد بالماء ، ومن خلال ردود الأفعال الأولية لأهم الأحزاب الفاعلة في المشهد اليمني التي منيت بخيبة أمل فلا رضي به هذا ولا قبل به ذاك، فبينما سارع المؤتمر بوصف تلك الرؤية (بالفخ)، تمسك الاشتراكي برؤيته في الحل بإقليمين، ناهيك عن بقية القوى في الساحة التي لم تتحمس لتلك الرؤية ، وانعكس ذلك في تلك الاحتفالية المغلقة في ليلة ظلماء هلل لها البعض وتحفظ البعض الآخر وهم الفاعلون الأساسيون منهم المؤتمر والاشتراكي والحراك الفاعل بكل فصائله يتبرؤون من ذلك التوقيع وهو الذي يسبق آخر جلسات الحوار الرسمية المتوقعة غد الخميس ، فإذن على ماذا سيحتفلون صباح آخر يوم رسمي للحوار ؟
لقد كثر الجدل حول تلك النقاط ومن ثم التوقيع على الاتفاق المبدئي حول تلك المبائ مع إنها في جوهرها يفترض إنها بارقة أمل على الأقل إنها توحي بتوافق ما ، واللافت ان أعلام القوى المناهضة للتغيير من الحرس القديم تتباكى اليوم هذا الاتفاق دليل وطنية وحرص على وحدة اليمن ، فأين كان هؤلاء عندما كانت السلطة الكاملة بأيدهم فلم يحافظوا عليها ولكنهم مارسوا الإقصاء والتهميش والأنانية المفرطة والنرجسية المفضوحة ، بارتكاب النظام السابق سلسلة أخطاء وإخفاقات متتالية كفرت الشعب في شمال وجنوب اليمن بهذه الوحدة التي لم يستفيد منها سواء بقاء النظام السابق ، لقد أضاعوا هؤلاء فرصة بناء دولة مدنية فلو تم بناء مؤسسات لما حصل كل هذا ، وما تخبط اليوم إلا بسبب عبث الأمس ، فهل يتعظ البعض من تجارب المجرب بهم ، وهل يستفيد اليمنيون من تجارب من حولهم لعل آخرها بوادر الحرب الأهلية في جنوب السودان.
واللافت أن جميع المختلفون المتصدرين للمشهد السياسي يتجادلون اليوم حول قضية نقاط بن عمر والتي تدور حول شكل الدولة ، اللاعبين السياسيين يتبرؤون اليوم من توقيع لم يجف حبره بعد ، وهنا يصدق المثل (رضينا بالهم والهم مش راضي بنا..!!).
المؤتمر يعتقد بأن التوقيع على تلك المبادئ ب( الفخ) ورغم ذلك اكبر شخصيات المؤتمر وقعت تلك الوثيقة ، وهذا التناقض يجعل المراقب في حيرة من أمرة ، بل ويدخل القضية الجنوبية وألازمه اليمنية برمتها إلى عدة سيناريوهات واحتمالات ..
الملاحظ ان الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي وهما المؤتمر والاشتراكي والثالث الحراك بأغلب فصائله المؤثرة غير راضية بذلك الاتفاق ، فمن ضمن ما صرح به الأستاذ يس سيعد نعمان انه قال (قلنا لهم اذا انتم مصرين على الستة الأقاليم واستطعتم ان تحصلوا على الأغلبية في مؤتمر الحوار فأمضوا في مشروعكم فنحن لسنا طرفا فيه ولن نعمل على ما يؤدي إلى تعطيل الحوار او تعثره ".) ، هل قدر لليمنيون وهم أعتاب اخر أيام السنة ان يلجوا لعام آخر يكتنفه الغموض والطلاسم لدى ساسته ، وهل كانت ثورة الحراك من 1997 وثورة الشباب التي أطاحت بمن أضاع حلم الوحدة ينتهي بها الأمر تجاذبات وإستقطابات سياسية ويدخلون الشعب في سلسلة من الأوهام والسيناريوهات المحتملة!!
لعل فشل اليمنيون وإحباطهم يعود على أن ساستهم لا يمثلونهم وكذا أحزابهم ، ومن هنا فالاعتماد على الخارج هو سلاح ذو حدين فقد يضع حدا للمواجهات وفي نفس الوقت ، ليس بالضرورة يأتي بحلول مناسبة وحايمة ، وعليه فالأحرى باليمنيون أن يستفيدون من دروس مشابهه فلا يعولون على الأمم المتحدة وعلى دول الإقليم ، فالأمر يحتاج لحسن النوايا ، والوطنية والتضحية والابتعاد عن النرجسية وحب السلطة ، سواء تم الاتفاق على عدة أقاليم او حتى إقليمين ما لم يكن مقرونا بحسن النوايا والوطنية , وإلا فإقراء على اليمن السلام..